المحتجون في جرادة المغربية يعلنون رفضهم المقترحات الحكومية بإضراب عام وتظاهرات بقلم محمود معروف


الرباط –« القدس العربي»: تتواصل الاحتجاجات في مدينة جرادة/ شمال شرق المغرب التي دخلت أسبوعها الخامس، برغم من تدخل عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ثاني مبعوثي حكومة سعد الدين العثماني للمنطقة، بعد الزيارة الأولى لعزيز رباح وزير الطاقة والمعادن حرصا منها على تطويق الاحتجاجات حتى لا تكون على غرار الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من 15 شهرا، وكان لها تداعياتها السلبية على سمعة المغرب دُوليا إضافة الى تكاليفها السياسية والاقتصادية الباهظة.
ولم ينجح الوزير القوي عزيز أخنوش، في زياراته التي قام بها للمنطقة نهاية الأسبوع الماضي في وقف الاحتجاجات، التي تسود المدينة، واستقبلته الساكنة بإضراب عام شهدته المدينة يوم الجمعة الماضي وتظاهرات يوم السبت شارك فيها الأهالي والنشطاء، معلنين رفض الساكنة للمقترحات التي حملها مبعوث الحكومة لوقف حالة الاحتقان التي اندلعت بسبب ارتفاع فواتير الماء والكهرباء، وتأججت بعد سقوط “شهيدي الفحم” في مناجم ضواحي المدينة.
وقال نشطاء في حراك جرادة إن الاحتجاجات مازالت متواصلة، خصوصا أن المتظاهرين لم يروا جديدا فيما حملهم لهم أخنوش، مؤكدين أن ما قدمه هو المقترحات نفسها التي سبق أن قدمها رباح ووالي المدينة، التي رفضها السكان واصفينها بـ”المقترحات غير الجدية”، ومطالبين بتسوية عاجلة وحقيقية لمشاكل منطقة يرون أنها تحتضر اقتصاديا. وقالت صحيفة «أخبار اليوم» إن الحكومة حملت لمحتجي جرادة مقترحات بتشغيلهم في مشروعات ردم آبار الفحم، وتشغيل نسائهم في الأعمال الفلاحية الموسمية في إسبانيا، وتخصيص فرص عمل لشباب المدينة في المدن الصناعية مثل طنجة والقنيطرة، إلا أن فواتير الماء والكهرباء ما زالت أهم نقطة خلافية بين المحتجين ومبعوثي حكومة العثماني، حيث يتشبث أهالي جرادة بمطلب مجانية الكهرباء، في ظل وجود محطة حرارية في المدينة.
ورفعت تظاهرات السبت رافعين شعارات تندد بـ»تماطل الحكومة في تنفيذ وعودها»، بشأن خلق بديل اقتصادي في المنطقة من بينها «لا رباح لا أخنوش الحوار كله مغشوش». 
ويقول النشطاء إن مسيرتهم اليوم هي «رد على تهديدات والي جهة الشرق، بخصوص التعامل مع الحراك بصرامة أكثر مستقبلا».
من جهة أخرى قال أحمد الزفزافي والد قائد حراك الريف ناصر الزفزافي المعتقل في سجن عكاشة إن منطقة الريف تشهد انتهاكات مورست منذ سنة 1890 عندما قام باشا مدينة فاس بوشتى البغدادي، وهو قائد في زمن السلطان المولى عبد العزيز، بإبادة قبيلة بأكملها في الريف لمجرد أنها دافعت عن حقوقها أمام التجار الأوربيين، وأن البغدادي أطلق عليها قبيلة القراصنة في حين تطلق على الريفيين الآن كلمة الانفصال.
واستحضر الزفزافي الأب في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني الرابع للحزب الاشتراكي الموحد مساء يوم الجمعة، بعض المحطات التأريخية المهمة التي شهدتها منطقة الريف وتوقف عند معركة أنوال سنة 1921 التي حرر فيها الريفيون مدينة تازة من الفرنسيين ما يدل أنهم لم يكونوا أبدا انفصاليين كما عبأت السلطات ضدهم خلال مواجهاتها للحراك الذي حمل مطالب اجتماعية واقتصادية وتنموية.
وأشار لأحداث القمع التي شهدها الريف سنة 1959 والتي ارتكبت فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وقال إن الممارسات التي تمت آنذاك من اغتصابات جماعية وبقر لبطون الحوامل وإحراق للمنازل وقتل وحشي مصنفة حاليا ضمن جرائم الحرب وتحدث عن «قائد المخزن» مع منطقته، الذي جاء بقوات شديدة وعسكر إلى منطقة أجدير، فوقعت المجزرة، بعدما أعطى أوامره لجنوده قائلا: «عليكم بهم. رجالهم للرماح، ونسائهم للنكاح، وصبيانهم للذباح». كما تحدث عن «غزوة بوحمارة» لقبيلة بني ورياغل، وملحمة «أنوال» التي انتصر فيها المجاهد محمد عبد الكريم الخطابي.
وأكد الزفزافي برغم كل هذه الممارسات لم يتخل الريفيون على مبادئهم متشبثين بوطنهم، تناسوا لكن من دون أن يغفروا وأن الندوب التي بدأت تندمل في الريف جاءت بعد أحداث 2011 عندما قتل خمسة شبان ورموا في وكالة بنكية بعد إحراقهم، وحدث طحن محسن فكري في 2016 لتحييها من جديد.
وقال في كلمته أن نشطاء حراك الريف جاؤوا من الهامش لكن برغم ذلك خاضوا أشكالا احتجاجية يشهد لها العالم بسلميتها ورقيها مثل مسيرة الشموع والورد ومع ذلك ووجهوا بقمع شديد. وشدد على أن الريفيين حملوا راية الريف لأنه تحت هذه الراية وقعت ملاحم استلهمها زعماء التحرر في مختلف مناطق العالم. وشكر أحمد الزفزافي، في كلمته الحزب الاشتراكي الموحد على الدعم الذي يقدمه إلى الحركات الاحتجاجية ووقوفه بجانب حراك الريف، ووصف أمينته العامة بـ«السياسية النقية فكرا وأخلاقا». وقال إن «مسيرات الحسيمة أبهرت القارات الخمس من خلال الأشكال السلمية الحضارية، وأن أعلام الريف هي جزء من الهُوية التأريخية للمنطقة، ولا يستطيع أحد أن ينزعها عنا» و»تحت هذه الراية وقعت ملاحم كبرى استلهمها زعماء العالم، من قبيل ماوتسي تونغ والقائد الأممي أرنستو تشي غيفارا».
وحمل مسؤولية ما آل إليه حراك الريف إلى قوات الأمن وقال إن الاحتجاجات استمرت إلى سبعة أشهر من دون أن تحدث أي خسائر تذكر إلى حين استعمال القوة من قبل السلطات العمومية و»النتيجة اليوم هي اعتقال خيرة شباب المنطقة، برغم أن دستور المغرب الجديد يمنح حق التجمهر والاحتجاج»، قبل أن يؤكد أن «العالم تضامن مع حراك الريف، وحتى من قبل الملك محمد السادس، بدليل خطبه الأخيرة؛ وهو الأمر الذي يُثير الاستغراب من هو ضدنا إذا!» وأكد أن حراك الريف فعل مبارك، وأن الأيام المقبلة كفيلة بالكشف عن المستور وإجلاء الحقيقة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...