ما هي الدوافع الاقتصادية والسياسية وراء احتلال المغرب للصحراء الغربية؟

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏
ماء العينين الاكحل

مقتطف من حواره الاخير حول بعض اسباب احتلال المغرب للصحراء الغربية
ماءالعينين لكحل: هناك أسباب ودوافع مختلفة ومتداخلة وراء الاحتلال المغربي للصحراء الغربية.
أولا، المغرب بلد فقير جدا من حيث الموارد الطبيعية وبه عدد كبير من السكان (أكثر من 35 مليون نسمة)، في حين أن الصحراء الغربية غنية جدا بجميع أنواع الموارد المتجددة وغير المتجددة.
ثانيا، من الناحية الجغرافية، نصف الأراضي المغربية “غير نافعة” تماما (كما كان المخزن يقول قديما “المغرب غير النافع“) بسبب السلاسل الجبلية والمناطق القاحلة. المناطق المغربية “النافعة” الوحيدة هي المناطق الساحلية في حين أن مناطق الوسط، وأقصى الشمال، وجنوب/شرق المغرب بأكملها من الصعب العيش فيها بسبب التضاريس الجبلية الصعبة. لذلك، توفر الصحراء الغربية توسعة إقليمية كبيرة ومفتوحة منبسطة للمغرب.
السبب الثالث هو نتاج طبيعي للعقيدة التوسعية للمملكة العلوية. لقد كان المغرب تاريخيا سلسلة من الممالك التي اختلفت من حيث امتداد مجالات سيادتها الإقليمية. لكن، ولا أسرة ملكية منها حكمت أو ملكت الصحراء الغربية على الاطلاق. والواقع أن الحدود الجنوبية لكل هذه الممالك كانت، في معظم الأحيان، تقف في مناطق تقع ما بين 300 و 400 كيلومتر عن الحدود الشمالية الحالية للصحراء الغربية. غير أن معظم هذه الممالك، ولاسيما العائلة الحالية، كانت لديها دائما توجهات وأطماع توسعية وطموحات ومطالبات إقليمية في جميع الدول المجاورة (الجزائر وموريتانيا وإسبانيا). وهنا، تجدر الإشارة إلى أن الملك المغربي الحسن الثاني قد حاول فعلا الاستيلاء على أجزاء من الجزائر (حرب الرمال الشهيرة في أكتوبر 1963)، بعد أشهر قليلة من افتكاك الجزائر لاستقلالها. كما رفضت المملكة طيلة تسع سنين كاملة الاعتراف باستقلال موريتانيا (من 1961 إلى 69). وقد ادعت دائما أن الموريتانيين مغاربة. والواقع أن بعض أبرز السياسيين والقادة المغاربة ما زالوا يقولون، من فترة لأخرى، في تصريحات سياسية أن موريتانيا مغربية.
رابعا، السبب الحاسم الذي سرع قرار الملك الراحل الحسن الثاني بغزو الصحراء الغربية في  1975 هو بكل بساطة خوفه من جيشه، بعد أن كاد يروح ضحية انقلابين عسكريين خطيرين، في يوليو 1971 وأغسطس 1972. وفي الواقع، تعرض حكم الحسن الثاني، الذي يمكن اعتباره مؤسس الأسرة العلوية الحديثة، للتهديد بسبب أكثر من 20 انقلابا سياسيا أو عسكريا، وفقا لقصص حديثة نشرتها الصحافة المغربية مؤخرا. لذلك، كان الملك بحاجة إلى إيجاد وسيلة للتخلص من جيشه من خلال إبقائه مشغولا بمغامرة استعمارية في الصحراء الغربية، وفي الوقت نفسه محاولة فرض الأمر الواقع الاستعماري واستغلال الأراضي المجاورة الغنية.
خامسا، غالبا ما ينسى معظمنا أن المملكة المغربية والأسرة الملكية الحالية كانت ولاتزال محمية فرنسا منذ 1912. وفي الواقع، كان عرش هذه العائلة مهدد من قبل مختلف الثورات المغربية منذ 1911-12. حيث أن الشعب المغربي لم يكن راضيا عن تواطؤ الأسرة الحاكمة مع السلطة الاستعمارية الفرنسية. بل إن النخبة الدينية المغربية عمدت إلى نزع البيعة عن أحد أجداد الملك الحالي ما أدى إلى تسليمه البلاد إلى فرنسا طلبا لحماية القصر. وهذا هو السبب في أن فرنسا لم تستعمر المغرب، بل اتخذته كمحمية. وفي الحقيقية فإن فرنسا هي التي بنت أسس وقواعد السلطة المغربية الحديثة (المخزن). وليس سرا أن المغرب قد كان ولا يزال بلدا خاضعا لتأثير فرنسا السياسي والاقتصادي وحتى الثقافي. وهو يلعب كل الأدوار التي تسندها له فرنسا، والغرب بشكل عام، في شمال أفريقيا وفي كل القارة الأفريقية والعالم العربي. هذا هو السبب وراء قناعتنا بأن الاستعمار المغربي للصحراء الغربية قد وقع بمباركة من قبل فرنسا والولايات المتحدة، خلال ولاية كيسنجر كوزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك.
سادسا، في إطار هذه “المؤامرة” نفسها وفي سياق التواطؤ مع الغرب، كانت مهمة المغرب أن لا يسمح للجزائر الثورية المستقلة حديثا بأن تصبح الدولة المهيمنة في شمال أفريقيا. ويمكن القول أن هذا دافع من أهم الدوافع الجيو-استراتيجية وراء دعم فرنسا للغزو المغربي لاحتلال الصحراء الغربية. وحتى الآن، لم تتمكن النخبة السياسية الفرنسية من تجاوز صدمة تحقيق الجزائر سيادتها الكاملة وانتزاع استقلالها من الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية بالقوة. وبالمناسبة، لا تزال سياسات ما يعرف جيدا باسم فرنس-أفريك (النهج السياسي الاستعماري المؤسسي الفرنسي في أفريقيا) سائدة في أجزاء كبيرة من قارتنا، ولا تزال العديد من البلدان الناطقة بالفرنسية رهينة تأثير باريس وسلطتها.
هذه إذن، بعض الدوافع الرئيسية للغزو والاحتلال المغربيين لأجزاء ضخمة من الصحراء الغربية. وينبغي الإدراك أن هذا الاحتلال لا يعيق تحرر شعبي وازدهاره فحسب، بل يعوق أيضا كل جهود وأحلام دول شمال أفريقيا في توحيد قواها وتشكيل منطقة مغاربية قوية وموحدة (ضمن الاتحاد الأفريقي)، مع العلم أنه لو قدر الله وتوحدت شمال أفريقيا بالفعل، فإنها تستطيع منافسة بلدان جنوب أوروبا في كل شيء، بل وقد تصبح أكثر تطورا لأن لدينا كل شيء في البلدان الثمانية في شمال أفريقيا (المغرب والجزائر والجمهورية الصحراوية وموريتانيا وتونس وليبيا ومصر). فلدينا أكثر من 200 مليون نسمة لهم نفس الثقافة، ويتكلمون اللغة نفسها، ومتقاربون جدا من حيث التوجهات الدينية والأعراق، ولديهم كل الموارد الطبيعية التي يمكن تخيلها، كما أنهم متحضرون بشكل عام (من حيث البناء الحضري). ولكن بطبيعة الحال، لن تسمح فرنسا ولا الغرب أبدا بتوحدنا، لا في شمال أفريقيا ولا في القارة ككل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...