حكايات النّاس




تكتبها اليوم ليلى بديع


نعم إنسانة: قضية؟!

سألني أحد الرفاق: هل زرت "جسر النسيان" في إحدى سفرياتك؟.. ضحكت قبل أن أُجيبه قائلة: نعم إنّه "جسر النسيان أو الموت".. وإسمه جسر كابيلانو المُعلّق فوق نهر كابيلانو في شمال فانكوفر (كولومبيا البريطانية) في كندا.. ثم سألته ولماذا تسألني عن "جسر النسيان".. ألا تكفيني المحطات المنسية في التاريخ التي أزورها باستمرار؟ على العموم يا رفيقي ذهبتُ في ربيع العام 1979 إلى فانكوفر قاصدة "جسر النسيان".. علّني أنسى أصعب ذكرى مرّت في حياتي من آب (أغسطس) 1972 وحتى 9 حزيران (يونيو) 1976.. الموت يحتلّك.. ذهبت باحثة عن النسيان والموت.. قطعت الجسر ذهاباً وإياباً.. أي إنني سرت عليه 280 متراً وعلى ارتفاع 70 متراً فوق النهر.. وللأسف لم أنسَ ولم أمت.. لم أنسَ لأن الذكريات تحتلني وهي ماثلة أمامي بتواريخها.. أما الموت فهو محكوم بقرار إلهي بموعد القبضة..
قال هذا الرفيق الملحاح: لكنك نسيت فوز أمينتو حيدار بجائزة "رايت ليفليهوود" الصادرة عن جوائز نوبل من حكاية تكتبينها.. قلت له أمينتو لا يمكن نسيانها في الحاضر.. والمستقبل والتاريخ.. إنها أيقونة شعب مدمر بين اللجوء والاحتلال والشتات.. وهذه ليست أوّل جائزة.. فقد مُنِحَتْ من قبل جائزة "روبرت كنيدي لحقوق الإنسان".. وربما أكون من أوائل من قدّموا لها التهاني.. وهذه الجائزة هامة للدفاع عن الحقوق المسلوبة.. وأنا فرحة.. وعلينا جميعاً أن نفرح بهذه الجائزة.. لأنها مُقدّمة كما سابقتها للاعتراف بحق شعب مسلوب الحقوق..
تصوّري يا حبيبة أنّ هناك مَنْ يعتقد انني نسيتك.. ونسيت المعاناة والقهر واستلاب الحقوق والتجويع والاختفاء القسري.. ونسيت.. ونسيت كل ما أنا سجينته.. 
يذكّرني لأكتب عنك.. ليت بيدي لأكتب المُطوّلات.. لكننا في وطني لبنان ملجومين.. حالنا كما حال شعبنا في المعاناة هناك..
هذه ليست حكاية تُروى عنك.. بل حكاية بأنّ لا "جسر النسيان أو الموت" يُنسيني الأحياء والمواقف التي أؤمن بها..
مبروك الجائزة إنّها لشعب في شخص إنسانه قضية بحد ذاتها؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...