ألِّ ما شافْ اسْماء ابعَيْنُْ لا تَنْعْتُولُ"

 تتعالى هذه الايام اصوات تتقاطع مع دعاية المحتل، تدعي اننا قد اصبنا بنكسة على اثر صدور قرار مجلس الامن رقم2351 جاهلة او متجاهلة حقيقة ما جرى ويجري في الساحتين الجهوية والدولية بخصوص قضيتنا الوطنية التي تمر من ظرف يطبعه تعنت المحتل و مراوغاته و تمرده على المنتظم الدولي وتكشير فرنسا الاستعمارية عن انيابها داخل مجلس الامن وخارجه لحماية الاحتلال ومحاولة إلصاق تهم واهية بالجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب لجعلها في مواجهة مع المجتمع الدولي تمهيدا لدور فرنسي اكبر قد يتحول ربما الى تواجد عسكري تحت ذريعة حفظ الأمن في المنطقة بالحصول على موطئ قدم لها في اقصى الجنوب الغربي لوطننا الحبيب، وذلك بالتواجد المباشر او بالوكالة، الشيء الذي ان حصل قد يقلب بعض الموازين و يجعل فرنسا تتحكم ببعض دواليبها كي تستعيد المبادرة التي فقدها المحتل المغربي الذي وُرط في عملية استعمارية اكبر من حجمه نيابة عن فرنسا التي تلبسه ثوبها عند كل ضرورة.

      ذلك وغيره ما لا تدركه الاصوات المغردة خارج الصف والتي تنعق بما لا تعي فيختلط نعيقها بأصوات العدو الذي يحاول تغطية هزيمته فتشتبكا معا في ضجيج يحاول حجب انتصاراتنا وإخفاء هزائم العدو "ألِ ابْغَ يَغْلَبْ صَاحْبُ إجَنْ اعْلِيهْ " ليجد العدو ماءا عكرا يسبح فيه عله يتخيل النصر في منامه.
و انطلاقا من هذا الموقف الضبابي الذي يستفيد منه العدو ولو بصورة غير مقصودة في كثير من الاحيان، تبينت لي اهمية إلقاء نظرة ولو خاطفة على القرار 2351 (2017) و الظروف التي احاطت به:
1- ظروفه:
-
أمين عام للأمم المتحدة جديد، اوربي، لم يدخل بعد في صلب القضية، يتطلع الى تعاون الاطراف، مستمال من فرنسا و المغرب - القضية تمر من ازمة ناتجة عن تمرد المغرب على الشرعية الدولية الا انه تراجع بهتانا ليسوق ذلك دوليا لعله يتستر على عصيانه السابق و يظهر بمظهر البريء - و من جانبنا نحن من ارغم هذا اللص المحتل على هذا التقهقر بمواقف ممتازة و شجاعة في زمنها ومكانها وحافظنا على وضع هجومي لأثبات ذاتنا للعدو والصديق، جهويا ودوليا فتم لنا ذلك بجدارة، لكن كل شيء وليد زمانه ومكانه وان فقدهما فقد قيمته، وما زاد على حده انقلب الى ضده. اذن هذا تكتيك والتكتيك يتقدم عكس الاستراتيجية، غير اننا نتمسك به كوسيلة الى ان نستبدله بوسيلة جديدة في إطار استراتيجيتنا العامة ثم نتخطاه، وهذا ما تم بالفعل وربما نعود لاستخدامه مرة قادمة في الوقت المناسب ان دعت الضرورة لذلك، وتلك هي احدى خصائص التكتيك (تراكم التجربة).
2-القرار: كانت ولادته عسيرة وخطيرة نتيجة عوامل منها:
 أ-تعنت العدو المغربي وتحايله وحماية فرنسا له،
 ب-موقفنا الضاغط بالكركارات قصد خلق مناخ جدي وتوفير آفاق للحل السلمي وإيقاف العدو المغربي والمتواطئين معه عند حدهم.
       ويتولد عن كل ذلك، صراع خارج صلب القضية لان العدو خطط له قصد تحويل القضية من قضية تصفية استعمار الى مسألة جانبية نحن الضحية فيها مرتين - يفرغ صراعنا من محتواه الحقيقي وندان ونحمل تبعات ذلك وهذه هي خطة فرنسا التي نصبتها لنا كفخ لصوصي، وهنا برزت حكمة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب حيث تركت لعابهم يسيل ظنا منهم اننا وقعنا في شراكهم حتى تم التركيز على صلب الموضوع من طرف المنتظم الدولي ولم يبق سوى ما يتعلق بموقفنا الميداني وبساعة واحدة قبل صدور القرار اعلنت الجبهة الشعبية قرار اعادة انتشار قوات جيش التحرير الشعبي الصحراوي المرابطة بالكركرات المحررة الامر الذي جعل خطتهم التي حضروا لها اشهرا طويلة تسقط في الماء، وحينئذ ولد القرار سليما ودون العاهة التي كانت فرنسا تنوي إلصاقها به. مما جعل نتيجة القرار مرضية ان لم نقل انها جيّدة:
- كل النقاط السلبية التي حضرتها فرنسا سقطت من القرار.
-
عاد القرار الى معالجة صلب الموضوع اي تقرير المصير والتفاوض لأجل ذلك.
-
تقوية دور المينورصو والرفع من مستوى ادائها لمهامها.
وبغض النظر عن تفاصيل القرار الا انه عاد لمعالجة أصل القضية وتحول من محاولات ادانة الجبهة الشعبية الى الاشادة بها.
ونستنتج مما سبق ان القرار 2351 كان نجاحا متوِّجا لسلسلة نجاحات تراكمت على مدار السنة وهي حصيلة لنضالات شعبنا المتواصلة، من الكركرات الى امحاميد الغزلان.
ان من لا يرى ذلك او لا يرضيه ما حصل ولا يتذوقه، فهو مصاب بنوع من العمى وتنطبق عليه مقولة من لا يرض فهو...و لعل ذوقه مشوش ننصحه بزيارة أخصائي العيون لينزع عنه "الْشلالات" ويركز على تداوي نفسه.
كما نستنتج ايضا ان الموقف في الكركارات كان مكسبا تكسرت عليه كل مؤامرات العدو  ودسائسه من الكركارات نفسها الى مداولات مجلس الامن في نيويورك وهو موقف تولدت عنه انتصارات جمة ولا يزال وسيبقى مشهرا في وجه كل من يتطاول على حق الشعب الصحراوي وسيادته والى الابد.
ان ما حصل في اروقة الامم المتحدة من مكاسب وانتصارات تضاف الى رصيد شعبنا النضالي لا تأتي من فراغ وانما انتجتها جماهير شعبنا بنضالاتها المتراكمة يوميا دون ما كلل، تطبعها بصمات الشهيد والمعتقل والمفقود، تشم فيها رائحة المعاناة عاصفة يسمع فيها زئير المضحين بالغالي والنفيس يسمعها الاصم ويراها المكفوف ويستجيبون لها وتخالط وجدانهم فكيف يغفل او يتغافل عنها الصحاح.
ان الشمس في كبد السماء لبارزة ومن لا يراها في يوم صفاء يعني انه لا ينظر الا الى اظافره.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...