الفعل الوطني : بين الخالص والمشبوه
بقلم محمد حسنة |
أما إذا كانت النتائج تصب في أغراض ومآرب ضيقة كالميول الى الذاتية والمحسوبية والقبلية وغيرها من المتاهات التي يغطيها رداء النفاق ، كان الفعل مشبوها بحكم التلبس والأنانية المفرطة ، وبذلك يكون بعيدا كل البعد عن صفة الوطنية وخدمة المصلحة العامة ، وبالتالي لن يكون له أثر إيجابي في الحقل الوطني ، بقدر ما قد يخلط الصالح بالطالح ، ويصبح الغث طورا سمينا ، والسمين أطوارا هزيلا .
وفي أرضية هذه حالها يصبح كل فعل وطني خالص ، مستهدف ومعرض للشك والتشويش والتشويه ، وربما تختل المقاييس لدى الغالبية من الشعب في هذه الحالة وتصبح رؤيتها تجاه كل ما يجري في الواقع متأرجحة بين الجد أحيانا في خدمة المصير واللعب به أخرى ، وبين التصديق تارة بحتمية تقريره والتشكيك أخرى في جدية الدروب المؤدية إليه ، ولعل السر في ذلك كله هو ذلك التغاضي المشؤوم الذي أدى الى التماهي بين الفعلين ، كون أي منهما يحمل صفة الوطنية وفقط ، بغض النظر عن نتائجه السلبية في ظل الغياب الواضح للرقابة الدائمة والمحاسبة الصارمة . ومن هنا تتداخل المصلحة العامة والخاصة ويصبح هناك فعلان هما في الواقع وجهان لعملة واحدة أصبحت متداولة في سوق السياسة عندنا ، أحيانا تدر أرباحا صافية ، وأحيانا أخرى تدر أرباحا مزيفة ، وهذه العملة هي ” الوطنية ” التي أصبح يتشدق ويتظاهر بها العدو قبل الصديق .
المتمعن في هذه العملة لا يمكن أن ينكر التباعد البين بين وجهيها المختلفين لا سيما من حيث الأثر والمضمون وتلك مسألة تجعل الفرق بينهما عند الوصول الى النتائج كالذي بين الجنة والنار، إذ أن الخالص منهما يبني ، والمشبوه فيهما يهدم ، ولعل الواقع اليوم أصبح على رأي المثل الصحراوي المشهور “هدام أغلب بناي” .
وللعودة الى الصواب ، هناك مثل صحراوي آخر يقول :” كل أيد ماسحة عن أوجها” بدليل أنه “ما إيصح أللا أصحيح” والصحيح هو ما إنطلقنا من أجل خدمته وتحقيقه بنظرة شاملة وموحدة دون أدنى غبن أو تفضيل أو تفاضل وفق نظريات خاطئة ، والخطأ والجريمة النكراء في حق الشهداء ، هو ما أصبح البعض بصدده اليوم ، في حول ظاهر وتراجع مشهود عن أنبل المبادئ وأشرف المقاصد .
تعليقات
إرسال تعليق