بريكسيت وكاتالونيا والشعبوية: أزمات متتالية هزت أسس الاتحاد الأوروبي في 2017

Image result for ‫كاتالونيا‬‎
بروكسل - يعرف المد الشعبوي تناميا في أوروبا حيث اهتز  الاتحاد الأوروبي سنة 2017 على وقع مفاوضات "في غاية التعقيد" حول انسحاب  بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت) و كذا ملف انفصال كتالونيا الذي جاء  ليضاف لقائمة الأزمات المتوالية التي هددت أسس الاتحاد الأوروبي.
و فيما كان الأوروبيون يحاولون رص صفوفهم من أجل التصدي لأزمة الهجرة التي  تفاقمت بشكل لا مثيل له منذ الحرب العالمية الثانية, جاء قرار تفعيل المادة 50  من معاهدة لشبونة في شهر مارس المنصرم و الذي انهت المملكة المتحدة بموجبه 43  سنة من انتمائها للاتحاد الأوروبي ليدخل هذا الأخير في حالة من اللاستقرار.
وسرعان ما تحولت المفاوضات بين الاتحاد الاوروبي و بريطانيا التي انطلقت في  19 يونيو إلى تبادل اتهامات شكك من خلال الطرفين في صدق نواياهما, ناهيك عن  الجدل الذي استمر مطولا حول دور محكمة العدل الأوروبية في تسوية النزاعات  المستقبلية بخصوص الحدود الايرلندية و التسوية المالية للخروج من الاتحاد.
وتوصل الأوروبيون و البريطانيون إلى أرضية اتفاق في فجر الثامن ديسمبر 2017  بعد مفاوضات ماراطونية جرت أياما قليلة قبل انعقاد آخر مجلس أوروبي لسنة 2017.
وقد توصل القادة الأوروبيون خلال القمة التي جمعتهم يومي 14 و 15 ديسمبر  ببروكسل الى اتفاق يفسح الطرق امام الشروع في محادثات حول الفترة الانتقالية  التي طالبت بها الوزيرة الأولى البريطانية, تيريزا ماي و كذا المرحلة الثانية  من المفاوضات حول العلاقة المستقبلية بين المملكة المتحدة و الاتحاد الأوروبي.
وكان رئيس المجلس الأوروبي, دونالد تاسك قد أعلن أن المرحلة الثانية من  مفاوضات انسحاب بريطانيا ستكون "أكثر صرامة".
من جهته حذر رئيس المفاوضين الأوروبيين في ملف البريكسيت, ميشال بارنيي من  "ان المراحل القادمة ستكون صعبة".
كما أبدى القادة الأوروبيون اليوم انقساما حول علاقتهم المستقبلية مع المملكة  المتحدة حيث إذا كان بعضهم يدعو "لجعل البريطانيين يدفعون الثمن غاليا", فان  البعض الآخر يرى ان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "يعد في حد ذاته أمر صعب".
في هذا الصدد أكد رئيس المجلس الأوروبي أن الأوروبيين "مستعدون للبدء في  تحضير شراكة وثيقة مع المملكة المتحدة في مجال التجارة و مكافحة الإرهاب والجريمة الدولية و كذا في مجال الأمن والدفاع و السياسة الخارجية".

                                                     =افشال كل نزعة انفصالية=

وبينما كان الاتحاد الأوروبي منهمكا في التفاوض مع بريطانيا حو ل البريكسيت,  عرفت الساحة الأوروبية اندلاع الأزمة الكتالونية و التي تهدد بايقاظ نزعات  انفصالية في مناطق أخرى على غرار فلاندر (بلجيكا) و اسكتلندا و لومبارديا  (إيطاليا) و بلاد الباسك (اسبانيا), الا ان الاتحاد الأوروبي فضل التزام الصمت  رغم النداءات الملحة للانفصاليين الكتالونيين من أجل وساطة مع السلطة المركزية في مدريد.     
وبعد الأحداث التي تخللت استفتاء تقرير المصير في الفاتح أكتوبر بكتالونيا,  انتظر الاتحاد الأوروبي عشرة أيام ليرد على هذه الأحداث مع الخرص على عدم إغضاب الحكومة الاسبانية لماريانو راخوي.
كما حث الاتحاد الأوروبي الحكومة الإسبانية و دعاة الانفصال "إلى الحوار" و  ندد باستعمال العنف الذي "لا يمكنه أن يكون وسيلة سياسية", مشيرا إلى ان  الاستفتاء لم يكن مطابقا للدستور الاسباني.
وعندما طلب رئيس كتالونيا المخلوع, كارلس بيغدمونت من الاتحاد الأوروبي أن  يتدخل مباشرة في نزاعه مع الحكومة الاسبانية, أكد الناطق باسم الاتحاد  الأوروبي أن الجهاز التنفيذي الاوروبي "لا يملك أي دور" في هذه الأزمة بما أن  الأمر يتعلق ب"مسألة اسبانية داخلية و التي يجب أن تتم تسويتها وفقا للدستور  المعمول به".
ويخشى الاتحاد الأوروبي من جانب اخر أن تلهم مسألة انفصال كتالونيا مناطق  انفصالية أخرى في أوروبا ما من شأنه أن يحدث ردود فعل متسلسلة تؤدي إلى انهيار  الاتحاد. و علاوة على الأزمات المتوالية التي عاشها الاتحاد الأوروبي في سنة  2017 فانه عرف أيضا تنامي للمد الشعبوي في القارة.
كما يتخوف الاتحاد الأوروبي الذي لا يزال مصدوما من قرار بريطانيا بالانسحاب  في مارس 2019, من الأحزاب الشعبوية التي توسعت قاعدتها على غرار حزب الجبهة  الوطنية بفرنسا و الحزب من أجل الحرية بهولندا و حزب البديل من أجل ألمانيا والحزب الشعبي النمساوي.
ويحاول الاتحاد الأوروبي اليوم الذي يسعى للحفاظ على وحدته "بأي ثمن" ان  يحبط  اي آمل للاستقلاليين و قطع الطريق أمام المشككين في الاتحاد الأوروبي,  داعيا أوروبا للقيام بوثبة من أجل الخلاص.

وبعد أن تجاوز الاتحاد الأوروبي الأزمة المالية سنة 2007 و أزمة المديونية  اليونانية التي كادت أن تخرجها من منطقة الأورو, إلا انه لا يزال يواجه الفجوة  بين الشرق و الغرب التي خلفتها أزمة المهاجرين و الصراع مع بولندا و المجر حول  اصلاحاتهما التي اعتبرها مخالفة للقانون الأوروبي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...