رحلة «سلخ الأقدام» إلى الصحراء


رحلة «سلخ الأقدام» إلى الصحراء
رغم البرنامج المكثف للوفد الإعلامى المصرى فى مخيمات اللاجئين الصحراويين فى مدينة تندوف الجزائرية، إلا أن مقابلة رئيس الهلال الأحمر الصحراوى بوحبين يحيى كانت صادمة. فقد أطلعنا بالأرقام على مدى بؤس سكان المخيمات التى نسيها العرب، فى حين يلهثون وراء كل مصيبة أو كارثة عالمية للتبرع لمنكوبيها بمئات الملايين من الدولارات، وبعضهم يتبرع لحدائق حيوانات فى عواصم غربية.
ويتناسى العرب حقوق اللاجئين الصحراويين، وهم بالمناسبة يشكلون ثانى أطول عملية لجوء فى العالم ويواصلون منذ نحو 40 عاما حياة الشتات فى ظروف مناخية لا يتحملها بشر. ولا يتوقف عتاب بوحبين يحيى على العرب فقط، لأن المشكلة تمتد الى المانحين الدوليين أيضا، الذين تستقطبهم الحروب والنزاعات المسلحة، وكأن رسالتهم للاجئين هى الإسراع باستنئاف الحرب. كما إن وسائل الإعلام للأسف لا تكترث سوى بأخبار الحروب وليس انقاذ الإنسان، فالعالم ينتظر موت البشر وليس حياتهم، وعندما تتوالى صور الموتى يتدافع المانحون ومعهم الأمم المتحدة لمد يد العون ، ولكنها تظل يدا قاصرة أو بلا كف وأصابع.
ترتفع حالات سوء التغذية لدى الأطفال دون الخامسة فى المخيمات ، أما الأكبر فيعانون من فقر دم وكذلك 50% من النساء، بينما تتقلص مساهمات الدول نظرا للأزمات الاقتصادية التى تنطبق مع المثل الشعبى «إذا جاد الكريم جاد عمر».. فى حين تغيب مؤسسات الهلال الأحمر المصرية والعربية. وحسب رواية بوحبين ، فإن منظمات المجتمع المدنى هى أكبر نصير للمخيمات، ولكن تغيب العربية منها عن عالم الصحراء الصعب الذى يشكو فى صمت، فالصحراوى يموت واقفا وعندما تسأله عن أحواله يكون رده «الحمد لله كلنا بخير».
كل ما يطلبه الصحراويون هو استغلال خيراتهم ومعادنهم وبترولهم وأسماكهم ليوفروا على العالم مساعداته ليمدوا بها أطرافا أخرى انضمت لحياة الشتات مثل السوريين وبعض الأفارقة. وأملهم هو العودة لأراضيهم التى هجروها بسبب الحرب لتستقبلهم تندوف الجزائرية بعد قطع آلاف الأميال حفاة فى رحلة قسرية يطلقون عليها «رحلة سلخ الأقدام».

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...