رجل منضبط


الصفة المهنية التي تحلى بها دائما وأبدا المرحوم ميلود شرفي هي الإنضباط في أداء المهمة المكلف بها، لا يؤمن بالإرتجالية أو قول أي شيء إنطلاقا من إدراكه العميق بأن الكلمة مسؤولية ولابد من اختيار بدقة سياقها ودلالاتها.
هذه القناعة الذاتية في العمل التي اختارها لنفسه لم تكن محل إعجاب خاصة لدى الإعلاميين الذين يطالبون بالتصريح أو الإنطباع الفوري دون إنتظار.. غير أنه تمسك بهذه المسلكية في التواصل مع الآخرين.. لتفادي كل ما من شأنه التشويش على ما ينجزه سواه عندما كان رئيس الكتلة البرلمانية للأرندي أو في سلطة الضبط.
وهذه الروح المكتسبة في كيفية رؤية الأشياء أكسبته الكثير من الإحترام والتقدير، لدى كل الذين يتعاملون معه عندما تأكدوا بأن هذا الرجل بقي وفيا لهذا الخيار حتى الأحاديث التي أجراها أو الكلمات التي ألقاها أمام البرلمان عند اختتام الدورات الفصلية كانت موزونة إلى درجة الدقة.. ولا يريد الخوض في مسائل سياسية أو جانبية لا طائل من ورائها تحسب عليه، هكذا كانت مسيرة شرفي المهنية.
ويشهد له بأنه في فترة وجيزة استطاع أن يفرض سلطة الضبط السمعي ـ البصري كآلية في المشهد الإعلامي من خلال التواصل اليومي مع أصحاب القنوات عن طريق إخطارهم بكل التجاوزات الحاصلة إلا أن هذا العمل لم يستكمل ليستدعى لمهام أخرى.
والتجربة التي يحملها الفقيد ثرية جدا في قطاع الإعلام سمحت له بأن يسير بكفاءة مهنية عالية الجانب السمعي ـ البصري عندما تولى مسؤولية سلطة الضبط.
وبالرغم من ذلك فقد تدرج في المسؤولية إلى غاية العضوية في مجلس الأمة نظرا للخدمات التي قدما كمهني ومناضل وبرلماني وتعلقه الشديد بالعمل الذي كان يؤديه ضمن هذه المسارات الـ٣، من أجل الجزائر.
وهذه المناقب والخصال المهنية والأخلاقية جعلته دائما محل ثقة سواء لدى قيادة الأرندي التي تعتبره من أعمدة الحزب، أو من لدن السلطات العمومية في الإستفادة من الخبرة التي بحوزته والتي لم يبخل في يوم من الأيام من وضعها لكل من طلبها منه أو أراد الاستفادة منها.
هكذا كانت شخصية الراحل شرفي إنسان يعرف جيدا مقامه وحدوده لا يتبختر على أحد.. بل له علاقات طيبة مع محيطه ومسؤوليه رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه.

منقول عن يومية الشعب 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...