مقالات تستحق القراءة....الرقابة الناعمة بقلم: محمد المتوكل
- الحصول على الرابط
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
أصدرت المنظمة الأمريكية “فيردوم هاوس” في
الآونة الأخيرة تقريرا عن وضعية استعمال الانترنيت، انتقدت فيه تعامل
الدولة المغربية مع هذا القطاع. وأشار التقرير إلى تغيير طرأ حيال التعامل
مع المواقع الالكترونية، إذ لجأت بعد الحراك الذي عرفه الشارع المغربي سنة
2011 إلى رقابة ناعمة من خلال خلق عدد من المواقع الالكترونية الإخبارية
التابعة لها من جهة، ومن جهة أخرى د خلت على خط التعليقات على عدد من
الأخبار الحساسة المتصلة بالإسلاميين والصحراء الغربية والأمازيغية
والملكية في مواقع أخرى وعلى شبكة التواصل الاجتماعي، من أجل التأثير في
الرأي العام في اتجاهات معينة.
ولئن كان من موجب لتقديم هذا المدخل ،فلراهنيته بالدرجة الأولى نظرا لحجم الغبار المتناثر فوق سماء الصحراء الغربية جراء اضطرابات ليست جوية المنشئ ،بل حدثت على إيقاع ماينجم من تماس بين المواقع على شبكة النيت ، وبدرجة مماثلة فلأن منظمة فريدوم هاوس ومن موقع متابعتها لاحترام حرية التعبير تصدر حكمها ضد سلوك تتمادى الدولة المغربية في إتيانه ، بالتصرف المعيب غير المنسجم مع الادعاء بسياسة الانفتاح والمزاعم التي تجعل من الأعداد الهائلة لمستعملي الانترنيت ورواد المواقع الاجتماعية رقما دالا على علو سقف ذلك الانفتاح ،لا بل انه يلوى عنق الحقيقة مرات حين يصبح رقم المرتادين في ارتفاعه ارتفاع لمستوى حرية التعبير .
إن ما حمله تقرير المنظمة الأمريكية “فريدوم هاوس” من جديد، يكشف ضلوع الدولة المغربية في نهج أساليب تدليسية لتغليط الرأي العام، لأجل التأثير سلبا على توجهه. وإذا كان غير بعيد عن الأذهان ما تشهده المواقع الالكترونية من حروب الاختراق والقرصنة بالسطو على الحسابات الخاصة للأفراد والجماعات،فانه ولما بات يتعذر منع المواقع المفتوحة خارج خارطة التحكم ، اهتدت أنظمة التسلط الى أسلوب رقابة جديد ،أو ما بات يعرف ب “الرقابة الناعمة”.
“الرقابة الناعمة” ليست ترفا أو أسلوبا مبتذلا يحاكي المدونين ورواد الشبكات الاجتماعية فيما يقدمون ،من أخبار وتعاليق ،بل نشاطا يمتح من خبرة أجهزة الاستخبارات ،أي انه نشاط تديره الدولة ،وتخصص له الكادر البشري المؤهل ، الذي يجعل نصب عينيه التوظيف الأمثل لمعطيات ترتبط بالأنشطة المعارضة لتوجهها،لغاية شلها بإرباك حركتها ،بتبخيس الفعل ،والتشكيك في دلالاته النضالية ،وضرب رموز الفعل أشخاصا ذاتيين أو مناسبات . إلا أن كثيرا من الأوساط يفوتها أن تعير اهتماما خاصا ، لنوعية تلك المواقع ،التي في الغالب تتوحد في الشكل ،من حيث الهيكل العام للموقع ،لكنها ممهورة دوما باتيكيت”الانونيم” ،هي التي لا يمكن أن تعلن عن هويتها ،لأنها أذرع إعلامية عميلة للاستخبارات ،فيما تنتقى المساحات كما المواضيع التي تستهدفها المادة” الإخبارية”، كالصحراء الغربية مثلا ، بعناية وتوظف لتلك الغاية أساليب الاستقطاب الإعلامي المعروفة بالدفع بأخبار صحيحة تحجب ما يعبر عبرها من تلفيقات كاذبة وادعاءات مغرضة .
وبالنهاية لا يخلو صيد المتربصين من استمالة أصناف الرواد الذين لا يغذي نهمهم على المعلومة الخبرية إلا الإطلالة المتكررة ومباشرة النقر على مواقع المخلوقات العجيبة، فتصاب الفئة المستهدفة بإدمان استهلاك ما تنفثه تلك المخلوقات من سموم، وتفقد بالضرورة القدرة على التمييز بين شظايا الأخبار الصحيحة والألغام الملفوفة في الخبر المسجى بعنوان الجديد أو العاجل اوالسري، وفي حالات الإدمان القصوى تتحول المادة العابرة لمجال الرؤية، والقادمة من مخبر الرقابة ،إلى أخبار الساعة، بعدما وجدت مستقرا لها بالأذهان، فيتواتر تداولها وتنسب على هدي التواتر إياه و دون تمحيص إلى مصادر عليمة وجديرة بالثقة.
المادة جذابة، تعطي انطباعا خداعا بالانتماء إلى صنف الصحافة الفضائحية ،فتبرع في حبك تفاصيل أحداث ووقائع تنسجها على المقاس وتخرجها في ثوب “السري للغاية “، بل تعمد إلى أسلوب التشويق في السرد لأسر المتصفح وشده إلى انتظار أكاذيب قادمة. إنها بذلك تنجح في تحريف وعي المتلقي، بل إنها تقلب اهتماماته وتشتتها، وتصرفه إلى ما تحيكه الدعاية الكاذبة من أساليب وفدلكات عناوين الإثارة ،ودغدغة العواطف ،كما الحال بالنسبة للمؤثرات الموجهة للمستهلك الصحراوي، فلا يرد اسم مدينة من مدن الصحراء الغربية مجردا من عبارة المحتلة، ولا يذكر المغرب أو إدارته أو سلطاته دون ربط بوصف العدو أو الاحتلال، والباقي تشكيك في قيم النضال الشريفة، وتأليب مجموعة ضد أخرى، والتشهير بأسماء والتنويه بأخرى، ولكن الأساس وهنا مكمن الدور الهدام، تحويل قضية الشعب الصحراوي إلى مجرد صراعات بين الأشخاص والمجموعات أو بين الشعب والقيادة،والإمعان في تسفيه الأعمال النضالية العظيمة التي تصنعها الجماهير الصحراوية، وتجريم الدعوات للخروج في المظاهرات لان من شانها، كما تخبرنا مواقع المخلوقات العجيبة تلك، أن تدفع بالأبرياء من شيوخ ونساء وأطفال إلى الوقوع في قبضة عدو لا يرحم، ومن باب” النصيحة” دائما، تقدم وصفة النجاح للطلبة الصحراويين بالابتعاد عن أشكال النضال بالجامعات المغربية لأنها ستكلفهم الفشل الدراسي والأذى الجسدي .
وتفرد لمن تصفه العدو المغربي عناوين القوة والجبروت، والتحكم في العالم، لتصل إلى أن النضال مغامرة لا يجازف بركوبها إلا الفاشلين .هكذا إذن تطل علينا تلك المخلوقات بمنتوج توأم للقمع الذي تمارسه سلطات المحتل يوميا بشوارع المدن الصحراوية الأبية ،ولا تتردد منظمة بحجم “فريدوم هاوس” في تصنيفه تضييقا على حرية التعبير من نوع “الرقابة الناعمة “. لكم كانت مهذبة في نعت الهجوم على مقدرات ومكاسب شعب ، بالهجوم “الناعم” ،لكن لا باس طالما أن الرد على هذا الأسلوب” الناعم جدا “كان بألطف وأنعم منه في الرابع مايو والتاسع عشر أكتوبر 2013 ، بل وقبل التاريخين وبينهما وبالتأكيد لهما ما بعدهما .
محمد المتوكل /عضو المكتب التنفيذي للكوديسا
بتاريخ 20 اكتوبر 2013
ولئن كان من موجب لتقديم هذا المدخل ،فلراهنيته بالدرجة الأولى نظرا لحجم الغبار المتناثر فوق سماء الصحراء الغربية جراء اضطرابات ليست جوية المنشئ ،بل حدثت على إيقاع ماينجم من تماس بين المواقع على شبكة النيت ، وبدرجة مماثلة فلأن منظمة فريدوم هاوس ومن موقع متابعتها لاحترام حرية التعبير تصدر حكمها ضد سلوك تتمادى الدولة المغربية في إتيانه ، بالتصرف المعيب غير المنسجم مع الادعاء بسياسة الانفتاح والمزاعم التي تجعل من الأعداد الهائلة لمستعملي الانترنيت ورواد المواقع الاجتماعية رقما دالا على علو سقف ذلك الانفتاح ،لا بل انه يلوى عنق الحقيقة مرات حين يصبح رقم المرتادين في ارتفاعه ارتفاع لمستوى حرية التعبير .
إن ما حمله تقرير المنظمة الأمريكية “فريدوم هاوس” من جديد، يكشف ضلوع الدولة المغربية في نهج أساليب تدليسية لتغليط الرأي العام، لأجل التأثير سلبا على توجهه. وإذا كان غير بعيد عن الأذهان ما تشهده المواقع الالكترونية من حروب الاختراق والقرصنة بالسطو على الحسابات الخاصة للأفراد والجماعات،فانه ولما بات يتعذر منع المواقع المفتوحة خارج خارطة التحكم ، اهتدت أنظمة التسلط الى أسلوب رقابة جديد ،أو ما بات يعرف ب “الرقابة الناعمة”.
“الرقابة الناعمة” ليست ترفا أو أسلوبا مبتذلا يحاكي المدونين ورواد الشبكات الاجتماعية فيما يقدمون ،من أخبار وتعاليق ،بل نشاطا يمتح من خبرة أجهزة الاستخبارات ،أي انه نشاط تديره الدولة ،وتخصص له الكادر البشري المؤهل ، الذي يجعل نصب عينيه التوظيف الأمثل لمعطيات ترتبط بالأنشطة المعارضة لتوجهها،لغاية شلها بإرباك حركتها ،بتبخيس الفعل ،والتشكيك في دلالاته النضالية ،وضرب رموز الفعل أشخاصا ذاتيين أو مناسبات . إلا أن كثيرا من الأوساط يفوتها أن تعير اهتماما خاصا ، لنوعية تلك المواقع ،التي في الغالب تتوحد في الشكل ،من حيث الهيكل العام للموقع ،لكنها ممهورة دوما باتيكيت”الانونيم” ،هي التي لا يمكن أن تعلن عن هويتها ،لأنها أذرع إعلامية عميلة للاستخبارات ،فيما تنتقى المساحات كما المواضيع التي تستهدفها المادة” الإخبارية”، كالصحراء الغربية مثلا ، بعناية وتوظف لتلك الغاية أساليب الاستقطاب الإعلامي المعروفة بالدفع بأخبار صحيحة تحجب ما يعبر عبرها من تلفيقات كاذبة وادعاءات مغرضة .
وبالنهاية لا يخلو صيد المتربصين من استمالة أصناف الرواد الذين لا يغذي نهمهم على المعلومة الخبرية إلا الإطلالة المتكررة ومباشرة النقر على مواقع المخلوقات العجيبة، فتصاب الفئة المستهدفة بإدمان استهلاك ما تنفثه تلك المخلوقات من سموم، وتفقد بالضرورة القدرة على التمييز بين شظايا الأخبار الصحيحة والألغام الملفوفة في الخبر المسجى بعنوان الجديد أو العاجل اوالسري، وفي حالات الإدمان القصوى تتحول المادة العابرة لمجال الرؤية، والقادمة من مخبر الرقابة ،إلى أخبار الساعة، بعدما وجدت مستقرا لها بالأذهان، فيتواتر تداولها وتنسب على هدي التواتر إياه و دون تمحيص إلى مصادر عليمة وجديرة بالثقة.
المادة جذابة، تعطي انطباعا خداعا بالانتماء إلى صنف الصحافة الفضائحية ،فتبرع في حبك تفاصيل أحداث ووقائع تنسجها على المقاس وتخرجها في ثوب “السري للغاية “، بل تعمد إلى أسلوب التشويق في السرد لأسر المتصفح وشده إلى انتظار أكاذيب قادمة. إنها بذلك تنجح في تحريف وعي المتلقي، بل إنها تقلب اهتماماته وتشتتها، وتصرفه إلى ما تحيكه الدعاية الكاذبة من أساليب وفدلكات عناوين الإثارة ،ودغدغة العواطف ،كما الحال بالنسبة للمؤثرات الموجهة للمستهلك الصحراوي، فلا يرد اسم مدينة من مدن الصحراء الغربية مجردا من عبارة المحتلة، ولا يذكر المغرب أو إدارته أو سلطاته دون ربط بوصف العدو أو الاحتلال، والباقي تشكيك في قيم النضال الشريفة، وتأليب مجموعة ضد أخرى، والتشهير بأسماء والتنويه بأخرى، ولكن الأساس وهنا مكمن الدور الهدام، تحويل قضية الشعب الصحراوي إلى مجرد صراعات بين الأشخاص والمجموعات أو بين الشعب والقيادة،والإمعان في تسفيه الأعمال النضالية العظيمة التي تصنعها الجماهير الصحراوية، وتجريم الدعوات للخروج في المظاهرات لان من شانها، كما تخبرنا مواقع المخلوقات العجيبة تلك، أن تدفع بالأبرياء من شيوخ ونساء وأطفال إلى الوقوع في قبضة عدو لا يرحم، ومن باب” النصيحة” دائما، تقدم وصفة النجاح للطلبة الصحراويين بالابتعاد عن أشكال النضال بالجامعات المغربية لأنها ستكلفهم الفشل الدراسي والأذى الجسدي .
وتفرد لمن تصفه العدو المغربي عناوين القوة والجبروت، والتحكم في العالم، لتصل إلى أن النضال مغامرة لا يجازف بركوبها إلا الفاشلين .هكذا إذن تطل علينا تلك المخلوقات بمنتوج توأم للقمع الذي تمارسه سلطات المحتل يوميا بشوارع المدن الصحراوية الأبية ،ولا تتردد منظمة بحجم “فريدوم هاوس” في تصنيفه تضييقا على حرية التعبير من نوع “الرقابة الناعمة “. لكم كانت مهذبة في نعت الهجوم على مقدرات ومكاسب شعب ، بالهجوم “الناعم” ،لكن لا باس طالما أن الرد على هذا الأسلوب” الناعم جدا “كان بألطف وأنعم منه في الرابع مايو والتاسع عشر أكتوبر 2013 ، بل وقبل التاريخين وبينهما وبالتأكيد لهما ما بعدهما .
محمد المتوكل /عضو المكتب التنفيذي للكوديسا
بتاريخ 20 اكتوبر 2013
- الحصول على الرابط
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق