فاعل.. لا فعل ولا مفعول به!

Resultado de imaxes para ‫الحراك الشعبي في الجزائر‬‎
الشارع أصبح أقوى من الطبقة السياسية، موالاة ومعارضة، ولذلك يُحاول الفريقان الركوب حتى وإن كانت “الركبة مايلة”، والآن بعد استمرار الحراك، عقب إعلان قرار إلغاء العهدة الخامسة، وتأجيل الرئاسيات، ورحيل أويحيى، وتنظيم ندوة وطنية، وتغيير الدستور، وتشكيل “حكومة كفاءات”، بعد هذا، ينبغي رسم الكثير من علامات الاستفهام والتعجّب!
عديد الأحزاب، انتظرت ردّ فعل الشارع، حتى تصقل موقفها بشكل “ذكيّ” يجنبها التأويل والإسقاطات الخاطئة، والبعض الآخر من الأحزاب، خاصة في الموالاة، لم تنتظر كثيرا لإعلان موقفها المساند، والبعض الآخر مازال ملتزما الصمت “في انتظار الجديد”، وآخرون تكلموا ولم يقولوا شيئا، وآخرون قالوا ما لا يُقنع ولا يدخل الرأس!
الفاعل الجديد الذي اقتحم السياسة، منذ اليوم الأول من ميلاد الحراك الشعبي الرافض للعهدة الخامسة، قبل أن تسقط، ويتمّ تعويضها بـ”الاستمرارية” أو “تمديد الرابعة”(..)، هذا الفاعل هو “الشعب”، الذين ظلوا يرددون ويرفعون يافطات كـُتب عليها “من الشعب وإلى الشعب”، وأحيانا “بالشعب وللشعب”، قبل أن يتحرك الشعب ويتكلم بنفسه عن نفسه!
الطبقة السياسية، استفاقت متأخرة، بأن هذا الفاعل المرفوع بالقوّة الظاهرة على آخره، لم يعد مفعولا به، ولا حتى فعلا، يتمّ تصريفه في عمليات الإعراب، تارة كناقص، وتارة كمتعدّ وأحيانا مبنيا للمجهول، ومرّات أخرى فعلا ماضيا أو مضارعا أو معتلّا أو صحيحا، حسب الزمن والحاجة إليه والهدف من استخدامه في جملة مفيدة أو غير مفيدة!
ولأن الرسالة وصلت إلى أولي الألباب، الجميع يُغازل الآن الشعب، السيّد الوحيد وصاحب السلطة، فقد دخلت السلطة والمعارضة، بكلّ أطيافهما وأحزابهما وشخصياتهما وحساباتهما ومناوراتهما، في منافسة مفتوحة ومكشوفة، من أجل كسب ودّ هذا الشعب وتعاطفه ورضاه، بعدما أدركا واعترفا بأن هذا الشعب “الغاضب” واع ومدرك للتغيّرات والرهانات!
لكن، ربما في تبرّؤ الشارع من السلطة والمعارضة، معا، وفي وقت واحد، ولفظهما ورفضهما و”نفضهما” وطرد رموزهما من الحراك أو قطاره، هو معضلة في شكلها ومضمونها، فمن سيُفاوض هذا الشارع؟ من سيُقنعه؟ من سيُرضيه؟ من سيمثله؟ من سيتكلّم باسمه؟ من سيقدّم له ضمانات؟ ومن هذه الشخصية أو الوجوه التوافقية والمقبولة ولو نسبيا التي بالإمكان أن تعيد الحياة اليومية إلى طبيعتها ولو تدريجيا؟
استنادا إلى التشخيص المذكور أعلاه، تبقى لغة العقل والتعقّل والهدوء والتهدئة والحكمة والرزانة وبعد النظر، اللغة الوحيدة الآمنة والمؤمّنة بالنسبة لكلّ الأطراف المؤلّفة لجوانب “الأزمة” الحالية، التي لن تـُحلّ دون شكّ بالأنانية والتهوّر والاندفاع والفوضى.. وهذا ما لا تستحقه طبعا الجزائر.
بقلم جمال لعلامي 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...