صراع الاجيال...
لم تبال بالذي غادر قبلك و رحل بالحنان و جمال الطفولة و العطف و الايام السعيدة و الصدق و البراءة... لم تبال بل بكل ما بنى من علاقات نقية صافية...و لا لاحلامه و لا لاماني مراهقته العذبة , بل اقتحمت كالغازي تنصب حكومتك و قوانينك و اساليبك التي لم تخل من الغرور و لم تكن تعرف انك ستذهب يوما ما...و كما غضب الطفل منذ سنوات منك , ايها الشاب المغرور ها انت ذا بدأت تغادر نفسك و يحل محلك العجوز الذي لا تحب... يقتحم حياتك يسرق اسمك , رقم بطاقة تعريفك و كل مؤهلاتك تنسب اليه... كل شهاداتك و الاملاك املاكه و كل الاولاد اولاده و كل احبائك و اهلك ينسوك و يذكرونه ... ما اقسى قلبه حين تناديه , لا يأبه لك و لا يستمع اليك , عندما ينظر الى المرآة يراك خلف قسماته و يتنهد... عندما ينظر الى البوم الصور و يراك تبتسم يقارن نفسه بك كم انك قد سرقت منه اول العمر و انك عبثت به دون ان تترك له راي و لا مشورة لو كنت تقاسمت معه النصيحة لما وصل الى ما وصل اليه ... كم كنت متهورا و كنت مستعجلا و كنت مندفعا و كم و كم لقد استلم منك جسما مترهلا و خائرا و مليئا بالامراض و وجها مليئا بالتجاعيد باهتا كما يرسم رسام الشوارع المقلد السيئ السمعة الوجوه يبيعها رخيصة للفقراء و البخلاء... لا يملك الطفل الا ان يورث لك الجسم الغض و لم يكن يتعدى على ما قدر لك... انت الشاب في غمرة عطائك هو من كانت لديك القدرة و القوة و النشاط و الاندفاع تلك صفاتك صفاة لا يمكن ان يملكها غيرك ... لا يمكن ان تبقى ابدا ... تلك سنة الحياة ... و الان يحق للشيخ ان يتهمك و يحاكمك على الميراث الذي تركت... و يحق له ان يهزأ من حماقاتك و من زلاتك و عبثك و لا يمكنك ان تعتذر , الزمن لا يرحم و لا يبرئ و قلبه من حجر و حكمه عدل و لكنه لا يعذر و لا يغفر...!
تعليقات
إرسال تعليق