هولاند في موقف حرج بعد تراجع أوباما: ماذا يفعل إذا رفض الكونغرس ضرب سوريا؟

صورة مؤرخة في 18 أيار 2012 للرئيس الأميركي باراك أوباما – الى اليمين – والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض. (أ ب)
3 أيلول 2013
بعد التمرد التاريخي لبريطانيا والتراجع المفاجئ لاميركا، وجد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند نفسه في موقف صعب.في الداخل صار بين جبهتين. وفي الخارج، لن يكون في بطرسبرج بمنأى عن الرياح القطبية التي تهب بين نظيريه الاميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين.
فرضت الديموقراطية نفسها بقوة على قرار شن ضربة على سوريا، أولا في بريطانيا ذات التقاليد القديمة جداً، ثم في أميركا. فجأة، صارت فرنسا في عين العاصفة. اتجهت اليها أنظار المعارضين للحرب والمؤيدين لها. فهل يمضي هولاند في قراره المشاركة في "التأنيب" المؤجل للرئيس السوري بشار الاسد على استخدامه اسلحة كيميائية ضد شعبه في الغوطة في 21 آب الماضي، من دون العودة الى البرلمان؟
في الاليزيه، ليست خطوة كهذه مستبعدة. ولكن في ظل الاتجاه السائد لدى الشريكين الحربيين للحصول على تفويض برلماني، بات هولاند في موقع غير مريح إذ صار الرئيس الغربي الوحيد الذي لم يطلب موافقة برلمانه على الضربة. فمع أن الجمعية الوطنية دعيت الى جلسة لمناقشة الأزمة السورية، تصر الحكومة على أن النقاش لن يتبعه أي تصويت.
ويمكن الرئيس بموجب الدستور الفرنسي تجاوز موافقة البرلمان لارسال قوات الى الخارج.
وتنص مادته الـ 35 على أن "الحكومة تطلع البرلمان على قرارها ارسال القوات المسلحة الى الخارج في موعد اقصاه ثلاثة أيام من بدء التدخل. وتحدد الاهداف المرجوة منه. ويمكن ان يكون هذا الامر موضع مناقشة لا يعقبها اي تصويت". ولا تنظم عملية تصويت الا اذا تجاوزت مدة التدخل اربعة اشهر كما هي الحال في مالي.
هذا في الدستور الفرنسي. وهذا أيضاً ما دأب زعماء غربيون، وخصوصاً في أنظمة رئاسية كالولايات المتحدة وفرنسا، على القيام به في حروب كثيرة شنوها من دون العودة الى برلماناتهم. وكان يمكن الضربة السورية ألا تشذ عن هذه القاعدة، لو لم يتذكر أوباما خصوصاً، المتردد أصلا حيال عمل عسكري ضد نظام الاسد، فجأة دور الكونغرس وحذر الرأي العام في بلاده حيال الحرب وهاجس حرب العراق.
لو كان أوباما يقصد اضعاف نظيره الفرنسي، لما كان وجد طريقة أفضل مما فعل. باتصاله به السبت ليبلغه أنه سيطلب الضوء الاخضر من الكونغرس لتدخل عسكري في سوريا،فتح عليه جبهة داخلية تمتد من المعارضة ممثلة خصوصاً بالاتحاد من أجل حركة شعبية، ولا تنتهي بالاعلام.
على جبهة الحزب الاشتراكي، يرص الرفاق صفوفهم خلف هولاند. ففي مؤتمر صحافي في 26 آب، صرح الناطق باسم الحزب الاشتراكي دافيد أسولين بأن "رد فعلنا يجب أن يكون بمستوى الخط الاحمر الذي تم تجاوزه... مبادئنا الدولية وانسانيتنا لا تسمح بقبول اللامبالاة أمام جريمة ضد الانسانية". وأضاف أمس أن "عدم التحرك يعتبر جبناً".
وفي صحيفة "ليبراسيون" امتدح النائب الاشتراكي جان - كريستوف كامباديليس "الموقف الشجاع والمتبصر لرئيس الجمهورية"، مؤكدا أن "نتيجة تصويت في البرلمان مؤكدة".
في المقابل، يواجه هولاند نداءات متزايدة من المعارضة التي تطالب بتصويت برلماني، لا مجرد نقاش للأزمة السورية. ففي تشخيص الازمة، يقول المسؤول البارز في الاتحاد من أجل حركة شعبية جان - فرنسوا كوبيه أن "هولاند محق في الشكل كما في الجوهر".
ولكن في الطريقة، ثمة مشكلة . ويطالب رئيس الكتلة النيابية للحزب في الجمعية الوطنية كريستيان جاكوب باستشارة البرلمان، قائلا: "يتحمل فرنسوا هولاند مسؤولية كبيرة بالزام فرنسا .. من خارج الامم المتحدة. انتصرت فرنسا دائما للقانون على الحرب. انه موقف ثابت لجميع رؤساء الجمهورية". وأمس، صعد كوبيه أكثر قائلاً إن "عدم استشارة البرلمان سيؤدي به الى مواصلة العمل وحيدا وقت أرى أن علينا أن نتصرف معاً بطريقة مسؤولة... يعود اليه أن يختار (أن يطلب تصويتا)". اما الانتقادات الأكثر حدة لهولاند فجاءت من وسائل الاعلام الفرنسية.
ففي صحيفة "ليبراسيون"، كتب ألان أوفريه وغريغوار بيزو أن واشنطن تفرض روزنامة سياستها الداخلية على حليفها، وتعزز الانطباع أن فرنسا تتصرف كأنها مقطورة للولايات المتحدة.
وتساءلت "الفيغارو" كيف يتصرف هولاند إذا رفض الكونغرس الاميركي عملا عسكريا ضد بشار الاسد؟
أما خارج الحدود، فلن يكون هولاند خلال قمة مجموعة العشرين في بطرسبرج الخميس والجمعة بمنأى عن التوتر المتزايد بين أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على خلفية الازمة السورية.
وكذلك الامر بالنسبة الى وزير دفاعه جان - ايف لودريان الذي يلتقي الخميس في فيلنيوس بليتوانيا نظراءه الاوروبيين الذين أراحهم التصويت البريطاني ضد الضربة.
وفي كل الحالات، تبدو باريس في وضع حساس سواء أيد الكونغرس الاميركي الضربة أم رفضها، ثمة شعور متزايد بأن هولاند بات أسير تردد أوباما.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...