لا سد فوك يا ول بدر الدين بقلم نفعي الرايس

كنت غاضبا وحانقا واميز من الغيظ بعد مشاهدتي لحلقة بثتها قناة الوطنية الموريتانية بمناسبة ذكرى توقيع اتفاقية السلام بين البوليساريو وموريتانيا (5اغسطس1979), استضافت فيها نخبة من المثقفين الموريتانيين بمن فيهم الدبلوماسي احمد بابا مسكة لمناقشة تلك الاتفاقية والتي كانت باكورة حلقات قادمة حول نزاع الصحراء الغربية.

غضبي واستيائي وهو غضب واستياء كل صحراوي شاهد الحلقة مرده ان الحوار لم يكن تفاعليا أي انه لم يفتح المجال لتلقى المكالمات الهاتفية كما غيب طرف أساسي في الاتفاق وحتما في النقاش وهو الطرف الصحراوي .

اعبيد امين ( منشط حصة حوار نواقشوط) قدم الجدي الصحراوي طريا مشويا على قصعة لضيفان موريتانيان تحاملا على لحمه وعظمه يلتهمانه بشراهة ونهم وكأن أمه قد نطحتهما وهما ضيفه المحامي والضيف الآخر أستاذ جامعي ولا داعي لذكر أسمائهما.

أما الضيف الثالث فهو موريتاني- صحراوي كان حري به ان يشفق على الجدي لان امه قد ارضعته, ولكن تململه في كرسيه كان اكثر من كلامه وتدخلاته المحدودة لم تكن مؤثرة ولا كافية ولم تشفي غليلا وسط تحامل واضح وتجني على الحقائق ونبش في الماضي ووخز للجراح من ضيفين سليطا اللسان لم يعيرا للروابط الاجتماعية والثقافية والجغرافية والتاريخية بين الشعبين الصحراوي والموريتاني أي اعتبار ولا قيمة.

وبقدر غضبي كان إشفاقي كبيرا على المحامي وعلى الأستاذ الجامعي وهما يتحدثان عن البوليساريو وكأنها صنيعة الجزائر ويدافعان عن الأطروحة التوسعية المغربية ويعيبان الاتفاقية ومن وقعها ويطبلان على الاحتلال المغربي للصحراء الغربية في تجاهل تام ونسيان كامل للتاريخ وما عاناه شعبهما الموريتاني من تطبيقات لنظرية التوسع المغربية التي نعاني نحن منها الآن.

أجد نفسي هنا مضطرا لتذكير الاستاذ والمحامي بهذا البيت البليغ لشاعر موريتاني حساني رد به على أطماع علال الفاسي والقصر المغربي في موريتانيا:-

علال يبان فذا لوان       منعو مولانا من قسمو

قال انو مالك موريتان   قولو لعلال اعقاب اسمو

ذكرتهما بهذا البيت حتى يدركا مدى الخجل والاحراج الذي وضعا فيه انفسهما وهما يمتدحان أمام الآلاف من المشاهدين الموريتانيين والصحراويين نظاما استعماريا توسعيا لازال يتصرف مع جيرانه بخلفية القرون الوسطى التي تحدد فيها قيمة الملوك وأهميتهم بشساعة الاراضي التي يسيطرون عليها وكثرة الجبايات والإتاوات التي يجمعوها من رعايا أقاليمهم الممتدة شرقا وغربا شمالا وجنوبا.

ذكرتهما بذلك البيت لافتا انتباههما وهما يعيبان توقيع اتفاقية السلام الى ان ذلك حمق وسقه وجهالة , فليس هناك لبيب أو عاقل يعيب اتفاق سلام يضع نهاية لحرب تأكل الاخضر واليابس وتنهي معاناة النساء والرجال والاطفال وتفتح افاقا للتنمية والبناء والتعاون, ولهما في التاريخ عبرة فليس هناك المانيا عاب او انتقد اتفاقية فرساي 1919 او اتفاقية 1945 التي وضعت نهاية للحرب العالمية الثانية رغم ان الاتفاقيتين كانتا بشروط مجحفة في حق المانيا, مع التأكيد على ان شروط اتفاقية غشت بين موريتانيا والبوليساريو لم تكن مجحفة في حق أي من الطرفين إنما كانت نهاية لحرب خطأ وقعت بين شعبين شقيقين وجارين وفتحت آفاقا جديدة أمامها.

تلكم أيها الأستاذ وأنت أيها المحامي بعض الأمور التي أردت تذكيركما بها مع قناعتى التامة انه ليس كل الموريتانيين مثلكما وانه بينكما وبين ضيفا الحلقة الثانية من البرنامج التي بثت يوم 23 من الشهر بون شاسع وفرق كبير .

فحلقة حوار نواقشوط الثانية استضافت إثنين من أقحاح موريتانيا رضعا الصدق والامانة من ثدي امهاتهما وكانا واقعيين في طرحهما ومعالجتهما للقضية الصحراوية ضمن سياق تاريخي وتحليل معمق لرجل عايش الحرب وهو الضابط الموريتاني السامي المتقاعد ابريكة ولد امبارك , والرجل السياسي المحنك والمخضرم ,الامين العام لاتحاد قوى التقدم السيد محمد المصطفى ولد بدر الدين.

الرجلان تطرقا الى القضية الصحراوية كما صنفتها الامم المتحدة كقضية تصفية استعمار تنتظر الحل منذ الستينات على رفوف الامم المتحدة وأدليا بشهادات وحقائق من ضابط مجرب يعد كلماته كما يعد رصاصاته ومن رجل سياسي محنك عايش الأحداث ويبني تحليله السياسي على طرق علمية منهجية ورؤيا إستراتيجية بعيدة المدى ويصدر أحكامه واستنتاجاته وهو غير خائف ولا ينتظر من ذلك جزاء ولا شكورا.

السيد محمد المصطفى ولد بدر الدين أدلى في الحلقة الثانية من برنامج حوار نواقشوط بشهادات في حق الصحراويين ستبقى مصدر فخر واعتزار لنا تأتي من هذا الرجل السياسي الموريتاني الشريف صاحب المواقف الثابتة والصلبة لتؤكد شهادات مماثلة ادلى بها العديد من الساسة والكتاب والاعلاميين والسينمائيين وغيرهم زارو وعايشو التجربة الصحراوية عن كثب.

الرجل أبرز التجربة الصحراوية في البناء المؤسساتي في التعليم والصحة وفي بناء الإنسان وفي الميدان السياسي بإحلال الروابط السياسية محل الروابط القبلية كما ابرز الدور الكبير الذي تلعبه المرأة في المجتمع وهو يقول في هذا الصدد ” المرأة متساوية مع الرجل , والمرأة عندهم متروشة حتى”

محمد المصطفى ولد بدر الدين وهو يجيب الصحفي حول خيار الفدرالية مع موريتانيا استبعد الامر و أجاب بشهادة من ذهب ” هم دولة متطورة عن باقي دول المغرب العربي وليست هناك دولة في الاتحاد تجاريهم في التطور وتستطيع ان تقيم معهم فدرالية ”

هذا غيض من فيض تدخلات الامين العم لاتحاد قوى التقدم الموريتاني السيد محمد المصطفى ولد بدر الدين في الحلقة الثانية من حوار نواقشوط لقناة الوطنية الموريتانية والذي كان فيه منافحا ومدافعا قويا عنا نحن الصحراويون, أشفى غليلنا ونفس من غضبنا على الحلقة الاولى وضيوف الحلقة الاولى من الحوار, وكان بالحق ناطقا وبما رأى وعايش شاهدا, فله منا  وللنقيب ابريكة كل التقدير والاحترام والإعجاب على احترامهم لأنفسهم ولمن يشاهدهم, ولكن على احترامهم للحقيقة وشجاعتهم وجرأتهم في قولها.

لقد كانا بحق من رجالات محاظر موريتانيا الشرفاء الذين إذا حدثوا صدقوا وإذا عاهدوا لم يخلفوا , ولم يكونا ممن إذا قبضوا قالوا وكذبوا, فلا سد فوك يابن حامضة اللبن يا محمد المصطفى ولد بدر الدين.