الكتابة عن الوطن(ظروف اندلاع الكفاح المسلح)


في ستينات القرن السابق , سنوات القحط المتواصلة انقطع القطر و جفت جذور الشجر , و لم تعد الاشجار صالحة الا كحطب , هبوب العواصف الهوجاء الجافة ,
وفرت الحراك بين الجذوع الجافة و اصبح اشتعال النار قضية وقت , كانت الشرارة... قدر مقدر !!!
هل يستطيع احد ان يقول اليوم انه حرك القدر ؟
بقايا الابل التي نجت من الابادة التي قامت بها القوات الفرنسية و الاسبانية بعد عمليات اكفيون . حيث قضي على 75 في المئة من الثروة الحيوانية .
 بقايا تلك الابل لم تعد تجد ما تقتات عليه , ها هي تساق الى المدن مثلها مثل مالكيها و حول تلك اشباه المدن تتشكل احزمة من الخيم السوداء 
من الفقر و الفاقة و المرض , احزمة من الغرباء ...
قطعان الابل التي كانت تهيم في الصحراء لاهية , ها هي تحبس في زرائب , لتقدم لها اكياس من الدقيق او حفنات من القمح المستورد ,
تعرف انها تنتظر الذبح , المصير لم يعد مجهولا ...يرى الحيوان ما لا يراه الانسان , و تحس بالزلازل قبلنا...
كانت بداية الاقتراب من المستعمر و لكن السكان الاصليون اليوم هم الغرباء ...
و كأن الله جمع السكان ليستلموا ارضهم نعم بدأ الكثير منهم ينخرط في القوات الغازية ليتعلموا استعمال الاسلحة الجديدة , و بدأ آخرون يتعلموا
 سياقة السيارات و العمل في المصانعو كأنهم يهيؤون ليعرفوا العالم المحيط بهم حيث بدأ الكثير منهم يرسلوا ليتعلموا في المعاهد و الجامعات الاجنبية ...
لم يكن الصحراويون نازحين الا مؤقتا بسبب الجفاف و قلة الحيلة... و ظلت روح الرفض للمستعمر ثقافة و طباعا و دينا مترسخة لم تخبو يوما ... 
كانت جمرا مشتعلا و ان غطاها رقيق طبقة الرماد...
زادها وعيهم بالاستغلال الجشع للثروات من فوسفات و سواحل غنية بالثروات السمكية و التي لم ينعكس ريعهاعلى حياة المواطنين , القليلوا العدد
 و غذتها الفروق الشاسعة و الجفاء بين النظام الاستعماري الاوروبي مع الحياة العربية الاسلامية و حركات التحرر المجاورة ...
كان الاسبان اغبياء ... قليلوا الايمان لم يفكروا ان قطع الارزاق لا يمكن الا بعد الموت ... ارادة الله لا يمكن معاندتها ...
لا يفصل عن استجابة الدعاء الا ستارا رقيقا يسمى  "تحريك الاسباب" ...

 ولا يمكن بأي حال من الاحوال  لاي منصف ان ينقل حركة الانسان الصحراوي باحترام و امانة  دون ان يكون في جو تلك  الشحنات المتفجرة  
من العاطفة الجياشة و ذلك النَّقاء في الخُلُق و الصَّفاء في السريرة...
  في جَوٍ  الصدق فيه لا يزال يلبس رداءه الابيض الذي لا يتقبل الدنس...
و الوفاء يعني ان تقطع اربا اربا دون ان تحيد عن كلمتك أو تتنصل عن  قناعتك ... 
و الشجاعة و البطولة شأن داخلي يخصك وحدك تعي ان معناه ان تلحق بالعدو اقصى ضرر تستطيعه...
في زمن لا تزال القيم الانسانية العظيمة عند الانسان الصحراوي مصونة نقية  لها لونها الاصلي و رائحتها الزكية و طعمها الحقيقي...
 في زمن لا تزال الرجولة معناها حمل السلاح و تولي المعاناة و ركوب الصعاب و امتطاء المحن  و المآسي... 
معناها ببساطة ... العصيان و الكفر بالمستحيل ...
    في زمن الرجل رجالا ... و المرأة رجلا ... و الطفل فتى...و الشيخ شابا ...كل اجتاز حدود قدراته و لا غنى عن دوره و مسؤولياته الجسام ...
   في ذلك الطقس الذي تلبدت فيه الغيوم و اسودت , و قصفت فيه الرعود و عربدت و ضربت فيه البروق و اشتدت...
في ذلك الجو الصاخب ,فيه  ضجة المشاعر في الصدور!!! , تطغي على اصوات ولولة  الرصاص و قصف الطائرات ....
و كلما زادت حدة الظلم و ضاقت الظروف ... ارتفع سقف التحدي و اتسعت في القلوب مساحات الاصرار....
في معنويات صلبة و اعصاب فولاذية قل نظيرها و ندر مثيلها!!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...