من نحن؟؟؟ ماذا يميزنا عن غيرنا؟؟؟
الانسان الصحراوي عندما يقف على جبل من جبال الصحراء او على كثيب عال و يري انسياب انبساط الارض و شساعتها تحت قدميه ... يحس بالحبور و السرور و الغبطة تملا عليه جوانح نفسه ... و ربما مد ذراعيه لاحتضان املاكه التي تضيق زاوية ذراعيه عن تحديدها مهما حاول فتح و توسيع الزاوية بين الذراعين.....كل الارض التي يمرر عليها عينيه فاحصا و متاملا و التى لا يقف في وجه تمددها و اتساعها الا الافق... هي ملكا له ...نعم كلها بيته و مسكنه و مرتعه و مقامه ... يمكن ان يختار اي بقعة ... اي واد ...اي فرع منه... دفئ او ظل اي شجرة طلح او غيره ... و اي جرف... و اي منبسط او ملتو ...و اي سهل و اي وعر... و يمكن هكذا جزافا ان يقمض عينيه و يمد اصبعه ثم يختار عشوائيا اين يحط ركابه و اين يحدد مبيته او مقيله .... و هو هكذا دائما بكل تلقائية يختار اين ينصب خيمته ... يختار اطهر الاماكن و انظفها و احبها الى روحه ... حياته تتجدد يوميا لا يقربها الملل و لا الروتين لا يكدر صفوها شيئ و لا ينغصها عليه متطفل ... و تنقله في بلاده و اوكاره كالطفل مع العابه لا يمل لعبة الا ليختار اخرى و سعادته و غبطتة لا تشبه الا سعادة و غبطة الاطفال....
...
اما اذا راى خيمة او راكبا فذلك المنى له ولهم...
سوف ينزل الراكب الى الخيمة فيجد البشاشة و اهلا و سهلا و اخواتها و ترحاب لا يكاد ينتهي ... من الرجل من المراة من الطفل و ممن عندهم...
و لا ينتهي الترحاب الا و قد جيئ باللبن و التمر و الشاي و الشواء و في جو من التلقائية و المرح المؤدب الجميل يتسلى الجميع و ينخرط في الاستمتاع بالاخبار و الحكايا حسب عمر الشخص و مكانته و ثقافته و يطوي الجميع يوما و ليلة من ايام العمر السعيد و الحياة العذبة في الصحراء فالعرف و المثل الصحراوي يقول ان "من بنى خيمة فليست له و حده بل لضيف الله " لمن ليس لديه اين يبيت ؟؟؟
اما اذا اتفق ان من رآه راكبا فسيجد رفيقا رفيقا و سيتسابقا و يتنافسا كل يريد ان يكرم الاخر و يظهر من اي فرع نبت في حسن الخلق و الرفقة الحسنة و ربما تحولت الى صداقة من صداقات العمر التى لا تزول اثارها و لا تمحى بصماتها...
لقد وهب الله للانسان في هذه الربوع له بيتا واسعا و ضخما باتساع قلبه و طيبته و كرمه و تسامحه
...
كل شيئ كبير في ارضه حتى الشمس لما تشرق تشرق ضخمة كبيرة ....
و حتي القمر يعز عليه ان لا يقترب ليسمع حكايات اهل الصحراء الجميلة و يكبر ليضيئ لياليهم و دروبهم....
اما النجوم فتبدو كالجواهر المنثورة مصابيحا تتدلى و لا ترى النجوم كبيرة مضيئة كما هي في الصحراء ....
ان الله تعالى وهب لهذا الانسان هذه المشاهد المدهشة تزدان بها حياته و تشرق انوار التفكير و التامل في نفسه....
فكان مسلما حق الاسلام... طاهر القلب ... صدوقا ... مسالما ... و جوادا و وفيا و مرتاحا لقضاء الله و قدره و تلك لعمري هي السعادة في قممها العالية .......
و ظل الصحراوي يتعمق لديه ذلك الشعور العميق بامتلاك النفس...
امتلاك المصير ...
و امتلاك الخيار...
هو ما نسميه نحن اليوم و نطلق عليه كلمة الحرية.....
فشتان بين من لا يعرف السعادة و الحرية الا من خلال حروف يسطرها معلم على سبورة ....
و بين من رضعها من ثديي امه....
و لم يكن الانسان الصحراوي تبعا لاي كان و لا يرضى بمنح ما اعطاه الله من نعم و لا التنازل عنها و لا تبديلها ....لانها حياته و غيرها حياة اناس اخرون.......
و اعجب ما اعجب له هو ظاهرة الارتماء و التحلل و الذوبان و الانصهار في ثقافات الغير... و الانبهار بها لانه العمى و لا عمى كعمى القلب و البصيرة سبحان الله و هل هناك اجمل و اطهر و احسن من حياتنا و ثقافتنا ...؟؟؟
و لو سلطنا الضوء قليلا على حياة غيرنا الذين يعيشون كل اعمارهم محشورون كخنافيس مراحيضهم في المدن المكتظة المليئة بالمنغصات لافسدت علينا كلامنا و لتقيانا اكثر مما حللنا و فصلنا
....
ان غيرنا يرى شساعة و طهر و تفرد ثقافتنا و يحاربها بشتى ما اوتي من قوة و ما تحريمه لبناء الخيمة في الصحراء و ان كان يبرره باحداث "كديم ازيك" و لكنها في الحقيقة اعمق من ذلك انه حرب على احدى رموز ثقافتنا العظيمة الخيمة التي هي مما يميز هويتنا الحضارية....
و نحن دوما نطرح السؤال ماذا يميزنا عن غيرنا ؟؟؟؟
سؤال يجب على الكاتب الصحراوي ان يكشف عنه دائما الغطاء و يبرزه و يجلوا عنه الغمام و الغشاوة ......
تعليقات
إرسال تعليق