الوظيفة القذرة للخطوك الجوية الملكية المغربية: نقل المخدرات إلى أفريقيا والمهاجرين إلى المغرب

Image result for ‫بقلم: محمد سالم أحمد لعبيد‬‎
بقلم: محمد سالم أحمد لعبيد


أنشئت شركة النقل الجوي المغربية التي هي مُلك للحكومة المغربية سنة 1953، بعد اندماج طيران الأطلس “Air Atlas” وطيران المغرب “Air Maroc”، وكان يرأسها الفرنسي Jacques Chaban-Delmas، وأصبح اسمها رسميا “الخطوط الجوية الملكية” في 28 يونيو 1957.
أول خطوط الشركة في اتجاه أفريقا جنوب الصحراء كان في يوليوز 1961 عندما بدأت الشركة رحلات بين الرباط وبامكو، بمعدل رحلة نصف شهرية، ومنذ سنة 1980 بدأت الشركة تفتح خطوطا جديدة فوصلت داكار ونجامينا، لكنها مع حلول سنة 2007 بدأت تركز على خطوط أفريقيا على حساب الخطوط الدولية الأخرى، ففتحت سنة 2011 خط بيساو وخط لواندا، ثم خط انجامينا في يونيو 2014 وخط نيروبي 2016 لتتحول إلى أخطبوط يُغطي أزيد من نصف دول القارة الأفريقية.
لا أحد بحث في القفزة التي عرفتها شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية في القارة الأفريقية على مدى سبع سنوات الماضية، أي من 2007 إلى 2017، ولا في كيف قفزت من تغطية 15 بلد أفريقي إلى 37 بلد أفريقي؟.
كما لم يسأل أحد بالتأكيد عما تنقل شركة الخطوط الجوية الملكية إلى دول أفريقيا خصوصا جنوب الصحراء، وبماذا تأتي من هناك نحو المغرب؟.
لماذا في الوقت الذي تغطي فيه الخطوط الجوية الجزائرية فقط 7 دول من جنوب الصحراء، وتغطي فيه الخطوط التونسية 14 دولة، وأسعارها أكثر انخفاضا بكثير من الخطوط الجوية الملكية المغربية، فإن الأخيرة تغطي 37 بلدا أفريقيا.
فقط من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء تنطلق طائرات الخطوط الجوية الملكية المغربية في اتجاه: بوركينا فاسو وإثيوبيا والنيجر والسنغال والسودان والكونغو والكونغو الديمقراطية وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو وغامبيا والرأس الأخضر وأفريقيا الوسطى وأنغولا وغانا ونيجيريا وسيراليون وليبيريا وتشاد والطوغو وبنين ومالي ومدغشقر وساحل العاج والغابون ورواندا وجنوب أفريقيا ولواندا والكاميرون وكينيا وأوغندا، ناهيك عن دول شمال أفريقيا، مصر وليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا، والعدد الأكبر منها رحلات مباشرة وتصل في الغالب إلى سبع رحلات أسبوعيا، هذا فقط بأسطول جوي من 52 طائرة منها طائرات أيرباس مستأجرة فقط.
وأصبحت بذلك نسبة 47 بالمائة من رحلات الخطوط الجوية الملكية المغربية موجهة لأفريقيا، أي أن فقط 53 بالمائة من الرحلات بقيت للرحلات نحو باقي دول العالم والرحلات الداخلية.
وهنا لابد من طرح التساؤولات الآتية:
ــ لماذا هذا الكم الهائل من الرحلات صوب أفريقيا جنوب الصحراء والمغاربة يُسافرون إلى أوروبا، وأساسا فرنسا وبلجيكا بالدرجة الأولى، ولا اهتمام لديهم بدول أفريقيا، لأن الأفارقة أغلبهم يبحث عن الهجرة إلى أوروبا بحثا عن العمل والعيش الأفضل؟
ــ ما الذي تنقله الخطوط الجوية الملكية المغربية وواردات المغرب التجارية تأتي من أوروبا ولايوجد أي استيراد نحو المغرب من أفريقيا؟ وأية مواد تجارية ينتجها المغرب ويُصدرها نحو أفريقيا وتضمن أرباحا مهمة تفرض نقلها عبر الطائرة بدل النقل البحري الأقل تكاليف؟
ــ من هم المسافرون الأفارقة القادمون من أوروبا مثلا، والذين يُفضلون الخطوط الجوية الملكية المغربية بدل الفرنسية أو الجزائرية أو التونسية رغم أن أثمان التذاكر على الخطوط الجوية الملكية المغربية هي الأكثر ارتفاعا على الاطلاق؟ فمثلا يصل ثمن تذكرة الخطوط الجوية الجزائرية نحو واغادوغو في أقصى حدودها 622 أورو وإلى داكار 213 أورو، بينما يصل ثمن التذكرة على الخطوط الجوية الملكية المغربية نحو واغادوغو 867 أورو ونحو داكار 820 أورو.
ــ من الذي أعطى الحق لشركة الخطوط الجوية الملكية دون غيرها لتصبح شركة النقل الرسمي لتظاهرة الفن الأفريقي المعاصر بداكار “داك آر من 2014 إلى 2018 وكذا لسوق الفنون والفرجة بأبيدجان”، “ماسا” من 2014 إلى 2016″ وللمهرجان البارا أفريقي للسينما بواغادوغو “فيسباكو” من 2015 إلى 2019.
ــ ما الذي يدفع الدولة المغربية إلى زيادة توسيع شبكت شركتها للنقل الجوي مع أن الأرقام الدقيقة تؤكد أن نسبة ملأ الطائرات المتوجهة نحو أفريقيا لم يتجاوز في أقصى الحالات 59 في المائة وأحيانا لايتعدى 35 بالمائة؟ خصوصا إذا ما علمنا أن إحصائيات 2016 توضح بالأرقام أن:
ــ عدد المسافرين نحو فرنسا وصل 1.8 مليون سنة 2016.
ــ عدد المسافرين نحو باقي الدول الأوروبية بلغ 1.5 مليون سنة 2016.
ــ عدد المسافرين نحو القارة الأفريقية وصل 1.1 مليون مسافر خلال سنة 2016.
ــ عدد المسافرين داخل المغرب وصل 950 ألف مسافر.
تساؤلات عدة لابد من ربط خيوطها بإحكام لمعرفة السر، خصوصا وأن شركة الخطوط الجوية سواء كانت خاصة أو ملك للدولة، كما حال الخطوط الجوية الملكية المغربية، هدف إنشائها ربحي بالدرجة الأولى، وليست مشروعا استراتيجيا يخدم سياسة استراتيجية معينة؛ فما الربح الذي تجنيه المملكة المغربية من شبكة خطوطها بأفريقيا؟
من يعرف المملكة المغربية ويعرف عِماد سياستها الاقتصادية، ويعرف أساليبها سواء في الابتزاز أو التضليل أو المغالطة، خصوصا في التعامل مع الدول الأوروبية سواءٌ بشكل منفرد وفي إطار الاتحاد الأوروبي سيطرح ملفين أساسيين: ملف المخدرات وملف الهجرة السرية.
الأول: ملف المخدرات
أجمعت تقارير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة والمخدرات، والهيئة الدولية لمراقبة المخدرات التابع للأمم المتحدة ومنذ سنة 2003 وحتى يوم 26 يونيو 2017 أن المغرب هو أكبر منتج ومصدر للكيف أو القنب الهندي، وحددت الدراسات، رغم تكتم المغرب على الأمر وصعوبة التحقيق الميداني لتورط رجال السلطة المغاربة بما فيها القصر الملكي في العملية، أن كمية الأراضي المزروعة في المغرب من الكيف وعلى أقل تقدير تصل 134000 هيكتار، وتنتج في معدل إنتاجها أزيد من 4000 طن سنويا.
حسب نفس الدراسات فإن ثمن الغرام الواحد من الحشيش في أوروبا يُساوي 5.4 دولار أمريكي، ولمعرفة رقم معاملات الحشيش المغربي في الخارج فقط، فإذا اعتبرنا وانطلاقا من المعطيات التي توفرها تقارير الأمم المتحدة لوحدها بأن 80 بالمائة من إنتاج المغرب للقنب الهندي موجه للتصدير نحو الخارج، و20 بالمائة للسوق الداخلي، فإن رقم معاملات الحشيش المغربي هو 11.866.901.166 دولار أمركي، أي ما يُناهز 12 مليار دولار (10 ملايير أورو) وهو ما يمثل 23 بالمائة (أي بالضبط كما جاء في تقرير الخارجية المغربية الذي أثار حفيظة المغاربة الأشهر الماضية) من الناتج الداخلي الخام المغربي الذي يساوي قرابة 52.174 مليار دولار أمريكي، وهي أرباح لا يمكن للمغرب أن يتخلى عنها بأي ثمن.
وإذا كانت المحجوزات شكلت سنة 2016 في أوروبا والجزائر والصحراء الغربية وموريتانيا وغيرها 220 طنا، فإن هذا يعني أن 3780 طنا تم بيعها، لكن أين؟
الدراسات المختصة تؤكد أن نسبة الحشيش المغربي التي بيعت في السوق الأوروبية خلال سنة 2016 تقدر 785 طنا، وإذا ما علمنا أن الحدود مع الجزائر مغلقة وأن الجزائر متشددة في محاربة مخدرات المغرب، مما يعني أن النسبة التي يمكن أن تمر دون حجز من طرف الدرك الوطني الجزائري أو الجمارك والجيش الجزائري ستكون ضئيلة جدا، ونفس الشيء عبر جدار الذل والعار المغربي مع تشدد جبهة البوليساريو في مراقبة حركة المخدرات، وتجند موريتانيا أيضا لمحاربتها، ويمكن أن نعتبر مجازا أن كمية قريبة من التي وصلت السوق الأوروبية مرت من الحدود الجزائرية المغربية أو عبر جدار الاحتلال المغربي، وقدرنا ذلك كأقصى حد بـ225 طنا، فالسؤال الجوهري يبقَ من أين يُمرر المغرب 2780 طنا المتبقية وإلى أين توجه إذن؟
لضرب عصفورين بحجر واحد، أي لتسويق المخدرات وتبييض أموالها تعتمد المملكة المغربية على الخطوط الجوية الملكية، لا يهم كم راكباً يكون على متنها، ولا يهم كم هي الأرباح الجانبية التي تحققها من نقل الركاب وبعض السلع البسيطة من وإلى المغرب، لكن الأهم هو “الذهب المغربي” المخدرات المغربية؛ 2780 طنا من المخدرات المتبقية من الاحصائيات السالفة الذكر توجه إلى أفريقيا، وهنا الربح الحقيقي سواء إلى أسواق الدول الأفريقية أو منها إلى مصر ولبنان وإسرائيل وأوروبا الشرقية.
الكمية هائلة ومربحة جدا، 2780 طنا من القنب الهندي، وإذا احتفظنا لها بنفس سعر السوق بالتقسيط في أروبا، أي 5.4 دولار أمريكي للغرام الواحد، فإن السعر الاجمالي سيكون 15.012.000.000 دولارا أمريكيا، أي 15 مليار دولار أمريكي.
وليس هذا فحسب، بل تأتي الدولارات نظيفة مبيضة على حساب شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية، وتدخل من عليها أن تدخل جيبه دون حسيب ولا رقيب، لا برلمان ولا ميزانية الدولة ولاهم يحزنون.
الثاني: ملف الهجرة السرية
كم مرة طرحنا أو طرحتم جميعا السؤال التالي: “من أين يأتي المهاجرون الأفارقة الذين يعتبرون ورقة تهديد قوية في يد المغرب للضغط على أوروبا؟”.
كيف ومن أين يدخلون المغرب وحدوده مغلقة تماما مع الجزائر ومع المناطق المحررة من الجمهورية الصحراوية وهناك جدار لا أحد يستطيع الاقتراب منه بسبب الألغام وعدد القوات المغربية التي تؤمنه من جهة والصحراوية التي تؤمنه من الجبهة الاخرى؟
وحسب الاصحائيات الرسمية لسنة 2013 وصل عددهم 52 ألف مهاجر أفريقيا، أي نصف عدد أساتذة التعليم الابتدائي الذين يصل عددهم حسب إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” 113 ألف، وأكثر بقليل من عدد أستاذ وأستاذة للتعليم الثانوي الإعدادي (50 ألف)، وأكثر من أستاذ وأستاذة للتعليم الثانوي التأهيلي (47 ألف) ودائما حسب نفس الاحصائيات.
فهل المغرب في حاجة إلى 52 ألف مهاجر وهو عاجز عن حل مشكل البطالة في أوساط الشباب وعاجز عن حل مشكل الأجور ومشاكل السكن وما إلى ذلك؟
طبعا لا، لكن هدف المغرب واضح، لأن دعم الاتحاد الأوروبي بملايين الأوروات لمواجهة الهجرة يفيد المغرب كثيرا من الناحية المالية، ففي 22 مارس من سنة 2017 طالب المغرب الاتحاد الأوروبي بـ200 مليون أورو التي قال أنها خسائره في مواجهة الهجرة نحو أوروبا، ويحصل المغرب سنويا سواء من الاتحاد الأووبي أو من إسبانيا بالأساس على ما مقداره 500 مليون أورو بحجة تحمله الهجرة ووقفها عن أوروبا.
وعلاوة على الربح المالي، فإن ورقة الهجرة هامة جدا بالنسبة للمغرب، فهي ورقة للإبتزاز كما حدث مؤخرا؛ ففي شهر يناير 2017 حاول نحو 1100 مهاجر العبور إلى سبتة، وفي 26 فبراير 2017 نحو 500 مهاجر عبروا السياج الحدودي المحيط بجيب سبتة الإسباني أمام أنظار الشرطة المغربية ردا على قرار المحكمة الأوروبية فيما يتعلق بالثروات الطبيعية للصحراء الغربية، وبعد ذلك بأسبوع ولنفس الهدف 300 مهاجرا آخر عبروا نفس السياج الحدودي وأمام أنظار الشرطة المغربية التي تشجعهم على ذلك؛ كما أن ورقة المهاجرين ورقة قوية في يد المغرب في مفاوضاته مع الاتحاد الأوروبي.
العدد الكبير للمهاجرين الأفارقة المتواجدين بالمغرب أغلبهم يتمركز بمدن المغرب، لا يمكن أن يأتوا راجلين أو عبر الجمال أو سيارات النقل الرباعية الدفع أو حتى عبر البواخر، ويقطعون المسافات الطويلة من بوركينا فاسو ومدغشقر إلى المغرب، لكن الطريق ليس بريا كما يُسوق المغرب أو يعتقد البعض.
هنا يأتي دور شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية، التي، تصل أغلب الدول الأفريقية، تنقل المخدرات، تأتي بالمال الجاهز والمُبيض، وتأتي ايضا بالهاجرين الأفارقة.
لاوجود لتأشيرة بين المغرب وعدد كبير من الدول الأفريقية، وحتى إن وُجدت فتأشرة ثلاثة أشهر بسيطة على قنصليات المغرب وسفاراتها، يتنقل الأفريقي إلى المغرب، يقضي ثلاثة أشهر، وإذا لم يعبر من تلقاء نفسه تستدعيه الشرطة لتبلغه أن تأشيرته قد أشرفت على النهاية وأمامه خيارين لاثالث لهاما: العُبور نحو الموعود بأوروبا أو تتم إعادته إلى بلده، ولا وجود لأفريقي سيُفوت فرصة كهذه، فيسقط طعما شهيا في يد بارونات نقل المهاجرين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...