إنتهاء أحجية !
بقلم محمد حسنة الطالب |
من المحير عدم ترويج وسائل الإعلام المغربية لخبر انضمام البرلمانيين المغاربة إلى برلمان عموم افريقيا ، وإعطائه تلك الهالة المألوفة التي توحي بنصر مظفر ؟ أليس ذلك من سياسة المملكة المغربية لملأ المقعد الشاغر منذ خروجها عن منظمة الوحدة الإفريقية ، أليس ذلك من عزيمة ملكها على توسيع نفوذه داخل دول وهياكل الإتحاد الٱفريقي ؟ لماذا هذا التحفظ المحتشم إذا ؟
إن الذي يخشاه المغرب من إذاعة هذا الخبر هو ان تؤكد وسائل اعلامه وخاصة الرسمية منها إعترافه المباشر بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وفقا للمعطيات الواقعية التالية :
1 - مسألة القسم الذي تناقلته العديد من وسائل الاعلام وانتشر بالصورة الحية في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ، والذي يحث على التعهد بإحترام القوانين والمواثيق التي تأسس عليها الإتحاد الإفريقي بما في ذلك إحترام حدود الدول الأعضاء الموروثة غداة الإستقلال .
2 - أداء هذا القسم أمام نائبة البرلمان الإفريقي الصحراوية الأخت أسويلمة بيروك وما يشكله من احراج للنظام المغربي أمام شعبه .
3 - أن هذا الخبر لايمكن تزويره بأية حال من الأحوال ، وبالتالي لم يعد بالأمكان مغالطة الرأي العام المغربي والدولي بعدم صحته .
4 - أن تناول هذا الخبر اليقين من طرف الصحافة المغربية ينسف كل الإنتصارات الدبلوماسية التي روج لها المغرب منذ انضمامه إلى الإتحاد الإفريقي ، وبالتالي سيعد إقرارا بفشل ذريع في توجه نحو القارة السمراء التي جند لها كل الإمكانيات البشرية والمادية ، لإكتساحها ظنا منه أن دار لقمان مازالت على حالها ، ليجد في الأخير أنه يقضي على نفسه بخطوات غير مدروسة من خلال محاولاته الإنتشار والتموقع داخل هيئات الإتحاد الإفريقي .
على إثر هذه الخيبات المتكررة والتي لم يوفق الإعلام المغربي في تحويلها الى نصر ، بدأ العديد من المغاربة يفهم لعبة المخابرات المغربية التي تدار خصوصا عبر وسائل الإعلام المخزنية ، التي ينحصر دورها في تسويق الأوهام للمغاربة ، سعيا منها لإستدامة العرش والحفاظ على سياسته ومصالحه الخاصة بمعزل عن مصالح الشعب المغربي وإرادته في الحرية والديمقراطية وفي التقدم والرفاه .
إن المتتبع لوسائل التواصل الإجتماعي والوضع داخل المغرب سيلمس سخرية المغاربة الأحرار من سياسة القصر ودبلوماسيته الفاشلة على مختلف الواجهات ، والدليل ترويج الأحلام والتصورات الخاطئة التي لم توصل الى نتيجة تذكر مادامت العبرة كما يقال بالخواتيم ، وهاهنا إفتقد النظام المغربي مصداقيته بين مواطنيه ، لا بل منذ زمن الوعود بالإصلاحات وتعهدات الحكومات المتعاقبة بتنفيذها على أرض الواقع ، والتي لم تنجز الى حد الساعة ، إنه التناقض الواضح والتذبذب الفاضح في السياسة المخزنية المغربية ، التي لم يقترن لديها القول بالفعل يوما من الأيام .
إن مايتخبط فيه الواقع المغربي اليوم من ازمات داخلية وخارجية يعد شاهدا على عدم حدوث أي تطور أو تحسن على الساحة المغربية ، لا سيما في ما يؤرق المغاربة في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان ، ومحاربة الفساد المستشري في مفاصل وهياكل الدولة المغربية ، والذي مازال يعصف بالمغاربة وخاصة الطبقات الفقيرة الى الهاوية حيث الظلم والضياع والموت في آخر المطاف دون مبررات مقنعة ، وستستمر تلك الحالة مادام النظام المغربي يدار بأياد خارجية ، تماما كما تدار لعبة العرائس أمام الأطفال الأبرياء ، لكن مع تكرار المآسي والنكبات ، يبدو أن الشعب المغربي لم تعد تسليه الأحاجي ولا الحركات البهلوانية التي تعتمد عليها سياسة القصر ، بحيث اصبح يدرك حقيقة واقعه والنتيجة التي يساق إليها يوميا دون ظهور أي بوادر للخير ، وإن كان الشر هو الطاغي والأكثر فتكا وعبثا بمصير المغاربة عند كل تظاهر أو حراك .
تعليقات
إرسال تعليق