الثورة قدر لا هروب منه و لا نجاة
عندما نكتب عنكم تخوننا الكلمات... و تتجمد العبارات...
تعبس و تغمز فينا علامات الاستفهام و التعجب و الحروف و يهرب التعبير و تفسد الاملاءات...
انتم بسرعة الخيل ...و نحن بسرعة الحلزونات...
لقد اعجزتمونا...
نحن النائمون و راء الكتابات و راء التعليقات و التاويلات و التحليلات و التنبؤات...
وراء اجهزة التسجيل و الكمرات ...نحن المسافرون بين صفحات النت و الفضائيات...
بطيؤون نحسب انفسنا نسجل الصوت و نحن لا نسجل الا صدى الاصوات...
نحسب اننا نسجل الفيديو و لا نحصل الا على صور جامدات باردات ...
لا يمكن ان يكتب عنكم الا قلما ملتهبا مشتعلا فائق القدرات يصنع معكم الحدث يسجل الصرخة والصيحة و الزغردة...
يسجل الأنة و الآهة و المعاناة...
يسجل الوقفة و الاحتجاج و المظاهرة...
يسجل الصفعة و الركلة و هروب الشرطي امام الطفل... و المخزني (الجبان) المختبئ وراء الشاحنات...
نحن نخشى ان كتبنا عنكم ...
ان تتحول الكلمات الى حروف متفرقة و تأتآت و تلفيقات ...
نخاف ان نحول النقوش على دنانيركم الذهبية الى خربشات على اوراق عادية...
و ان نحول جبالكم الشامخة الى وهاد و حفر و اودية...
ان اردتم حقا ان نكتب عنكم علمونا ...
انتم الشيوخ و النساء و الشباب و الاطفال الصغار الكبار!
علمونا يا مصنع الكلمات! و يا قبضة اللكمات!
علمونا ان الكلمة تنبت في الشوارع في الوقفات في المظاهرات و الاحتجاجات و انها تحيى بالدماء و الكدمات...
و تموت في الظل...
و يئدها دفئ الصالونات...
حدثونا عن سحركم و عن سركم...
الذي يبقي الكلمة في فيهكم دامية مبللة...
الذي يكسب العلم بريقه و الوانه الزاهية...
و يجعل الشعارات المكتوبة تصرخ و تلفظ الكلمة الحية المدوية...
و كيف ابقيتم العدو يقيم في موقعه الطبيعي لاجئا غريبا متسكعا
في الشوارع و الزقاق...
في السيارات المصفحة في باصات الشرطة الزرقاء المظلمة مسجونا و راء قضبانها الحديدية...
كيف يبقى الشرطي و الدركي و كل التشكيلات المخزنية...
مستنزفة لا تنام و لا تغفي كالدواب تاكل و تعيش في زريبة الشاحنة...
مستنفرة تتوقع المفاجآت...
في عقولهم تحولت براءة الطفل الصحراوي الى كابوس و غول...
و النساء العزل الى اشباح و متفجرات...
و تحولت المظاهرات السلمية الى جحيم و بركان و زلزال...
يكسر كل الاحتمالات كل المؤشرات كل التوقعات...
انبئونا عن المستقبل الذي تصنعون و تعيشون ...
كيف يحاك و كيف ينسج و كيف يتشكل...
فنحن لا نزال نمضغ الماضي و نجتر الحاضر و نحلم بالمستقبل..
علمونا...
كيف صرتم ثامن المعجزات...
كيف اصبحتم طاقة متجددة مفعولها يفوق الرصاص و البارود و المتفجراتِ...
علمونا ان الثورة في القلوب في القناعات في الارادات...
تصيغ الاتفاقيات ...
تصبح الرقم الصعب في المفاوضات و في التوازنات ...
تصبح كعصى موسى و قدرات سليمان تصنع المعجزات ...
كقدر الله لا هروب منه و لا نجاة...
تعليقات
إرسال تعليق