عندما تغيب النخبة تتأثر البوصلة

بقلم محمد سالم احمد لعبيد

تعتمد الامم والشعوب في تقدمها ورقيها وانارة طريقها على نخبها المثقفة بالاساس والسياسية بالدرجة الثانية
ولمعرفة معنى النخبة المثقفة لابد من معرفة معنى الثقافة ومعنى المثقف,لان الثقافة بالمفهوم العام تعني مجموعة المعارف التي يعرفها الشخص وتنعكس على سلوكاته وتعاملاته ,وهي جزئين:
الثقافة العصرية :وهي مجموعة المعارف التي يتحصل عليها الفرد من الثقافة المشتركة بين الامم والشعوب على اختلاف طبائعها واساسا من العلوم بمختلف فروعها وانواعها والاداب والفلسفة وقواعد الغة واسس التفكير والسياسة والاقتصاد واسس الشعر العصري عموديا كانا ام حرا و ما الى ذلك , ويعرف هذا الصنف من المثقفين بالمثقف العصري , وتختلف تماما عن الاختصاص ,فالدكتور او المنهدس او الخبير في مجال واحد محدد ليس بالضرورة مثقفا ان لم يكن واسع الاطلاع فيما ذكر سابقا
الثقافة الشعبية :وهي مجمل العادات والسلوكات والاعراف والاخلاق والقيم والفنون والشعر الشعبي والحكم والامثال وما الى ذلك مما له علاقة بالتراث المرتبط بشعب معين او بلد معين وهومايمزه عن غيره من الشعوب او البدان ,وهذا النوع من الاطلاع يعرف صاحبه بالمثقف الشعبي
ولايكسب الفرد صفة المثقف الا في حال تمكنه من الصنفين معا ,اي ان اطلاعه واسع في الثقافة العصرية وايضا في الثقافة الشعبية ,وعندما يصبح مثقفا بهذا المفهوم فانه ياخذ احدى الطريقين:
المثقف الايجابي ,ويسمى ايضا المثقف الفاعل او المؤثر او الوطني ,وهو ذاك الذي يستفيد من ايجيابيات الثقافة العصرية لتطوير الثقافة الشعبية مع الحفاظ عليها متميزة ومميزة ,كان ياخذ من تجارب الاخرين في مجال السياسية والاقتصاد ويعكس ذلك على المستوى الوطني او ياخذ من الفن العالمي او الثقافة العالمية لتطوير الثقافة الشعبية ويتمسك بالتميز الوطني في الهوية والثقافة الشعبية والتجارب الوطنية والمكاسب الذاتية ويرفض الهيمنة او الابتلاع وهذا النوع هو الذي يشكل النخبة الوطنية ويقود المجتمع وينير طريقه نحو الصواب ,يوجه الطبقة السياسية ويبين لها المسار الصحيح ويوجه الطبقة الثقافية ويضع قدمها على مكامن الضعف ويقترح البدائل ,يعني يقود الدولة والحركة والمجتمع والامة نحو الاهداف الصائبة
المثقف السلبي ,ويسمى ايضا المثقف الخامل او الهامد او الكسول ,وهو المثقف الذي يعرف كل شي ولايفيد ولايسهام لا في تطوير الثقافة الشعبية ولا في النهوض بسلوك المجتمع ولا بتكييف تطور الدولة ومؤسساتها لتصبح مسايرة للعصرنة والظروف ,و لايلبث ان يتحول هداما ,لكونه يغلب الثقافة العصرية على الثقافة الشعبية ويستخدم الاولى لهدم الثانية ,فالنسبة له وحسب رؤيته فان المجمتع متخلف وثقافته متخلفة ومساره متخلف ومكاسبه متخلفه ويعمل على هدمها بسلاح الثقافة العصرية مما يجعل المجتمع بدون هوية وبدون ثقافة وبدون اهداف وطنية وهو ما يسهل ابتلاعه والهيمنة عليه ,وهذا النوع يشكل عائقا امام التقدم ويعكس الايات ويشوش على التوجه ويسهل التفكك الاخلاقي والاجتماعي والسياسي ومنه الفناء والعدمية والابتلاع
من خلال ماسبق حق لنا ان نتسائل : هل لدينا نخبة مثقفة حقيقة ؟؟؟ وان كانت موجودة فعلا فاين هي من واقعنا الحالي ؟بماذا افادتنا في توجهاتنا النابعة من الظرفية التي نمر منها ومرحلة الكفاح الحالية؟ بماذا ساهمت في الحفاظ على المقومات الاساسية للكفاح وفي الحفاظ على اسس البناء الاجتماعي للشعب ؟ وبماذا ساهمت في الرفع من مستوى العطاء وفي الحفاظ على التميز وفي حرب الهوية والوجود؟
اسئلة عدة تبقى بدون اجابة ,لاننا في الحقيقة نعيش في واقع لاوجود فيه للنخبة ,او ان كانت موجودة فاما ان مثقفيهلا سلبيون من الصنف الثاني او راكدون كسلاء لايفيدون في شيئ
فالمسؤوليات سواء كانت سياسية او اجتماعية او بنيوية اوهيكيلية هي مسؤولية النخبة التي عليها مسؤولية التوجيه وتوفير البدائل والتقييم العلمي المنطقي والتقويم السليم للاختلالات ,وانعدام هذه النخبة هو الذي جعل المجتمع يتخبط وسمح بالتشويش والضبابية وقتح الاجواء امام قصف العدو بالدعاية والحرب النفسية والهجوم المباشر والتخريب الداخلي والضرب في عمق الهوية والتميز
محمد سالم احمد لعبيد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...