الامم المتحدة : هل ينفع العطار في ما افسد الدهر ؟

Image result for ‫محمد حسنة الطالب‬‎
بقلم محمد حسنة الطالب


تأسست منظمة الامم المتحدة على انقاض عصبة الامم ، في 24 اكتوب من العام 1945 بمدينة سان فرانسيسكو بكاليفورنيا الامريكية بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية , ومنذ ذلك التاريخ وهي تخضع للقوى العظمى ، تتحكم في كل شاردة وواردة في نطاقها ، فكيف بها اليوم ان تفعل شيئا في ما اسست من اجله ، وهي التي بلغت من العمر عتيا ، دون ان تحقق الشئ الكثير للشعوب المضطهدة على غرار فلسطين مثلا .
اليوم اصبحت هذه المنظمة العالمية تتوكأ كالعجوز بعدما احدودب الظهر ، وحلت بجسدها كل علامات الكبر والوهن ، حيث التجاعيد والنسيان والهذيان المستمر دون جدوى .
أخيرا وفي وقفة مع الذات تفطنت المسكينة لحالها واخذت تبحث عن دواء للشيخوخة عله يعيد اليها بعضا من نضارة وجهها الضائعة منذ زمن ، فإرتأت ان تصبغ شيبها بمحلول يجري اعداده الآن على اساس مبدأ تصفية الاستعمار ، ويأخذ شكل قرار يقضي بتمكين شعوب الاقاليم السبعة عشر المسجلة لدى العجوز الشمطاء ، من الاستفادة من خيرات بلدانهم ، هكذا وجدت الخلطة الجديدة ، التي نتمناها سحرية لتمكين الشعوب من حقوقها المشروعة ، وانتشال المنظمة الدولية من حالة الضعف وآلام المفاصل التي شلت قدرتها على احقاق الحق لكل مظلوم .
ان من لا يعرف شيئا عن الامم المتحدة ودورها في حفظ الامن والسلام في العالم ، ما عليه إلا ان يستحضر دور جدته حين يودع لها اطفال عائلته لرعايتهم وقت انشغاله بامور الدنيا ، فمن المؤكد ان نية الجدة صادقة في هذه الحالة ، لكن عدم قدرتها على الحراك قد يعيق نبل مقاصدها وصدق احاسيسها الانسانية تجاه هؤلاء الابرياء والصغار خصوصا ، وبالتالي يمكن ان يتضح لاي جاهل للشأن الدولي ، دور المنظمة العالمية المحدود في ظل هيمنة الدول العظمى ولغة المصالح السائدة ، التي تكبلها على مختلف المستويات .
وعليه وبخصوص قضية الصحراء الغربية ، فمن المعروف ان بعثات الامم المتحدة في العديد من مناطق التوتر في العالم تضطلع بمراقبة حقوق الانسان والتقرير عنها ، إلا في الحالة الصحراوية ، التي عاث فيها الاحتلال المغربي فسادا وارهابا دون حسيب او رقيب ، على الاقل من الزاوية الانسانية ، فآدمية الانسان لا يمكن ان تتجزأ إلا على اساس قول الله تعالى : من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ، وهاهنا تكمن العدالة الالهية ، والمساواة وقيم الديمقراطية وحقوق الانسان ، التي ينادي بها الغرب اليوم اكثر من غيره ، ويحرس في المقابل على الازداوجية في تطبيقها على ارض الواقع ، وخير دليل على ذلك ما يتعرض له الصحراويون تحت وطأة الاحتلال المغربي وغيرهم في العديد من بقاع العالم ، من انتهاكات جسيمة وبؤس وحرمان من سؤدد الحياة تحت ذرائع واهية ، وفي تناقض صارخ مع ما تكفله كل الشرائع والاديان الكونية ، والقوانين والمواثيق الوضعية .
فحقوق الانسان وكما هو معرف للقاصي والداني كل لا يتجزأ ، سواء تعلقت بالمعاملات الحاطة من الكرامة ، او بمقومات العيش المسلوبة ، ومن هنا يتحتم على الامم المتحدة قبل ان تشرع في قرارها القاضي بتمكين شعوب الاقاليم المستعمرة من الاستفادة من خيراتها ، عليها اولا ان تمكن الشعب الصحراوي مثلا من آلية لمراقبة حقوق الانسان والتقرير عنها ضمن بعثتها الى الصحراء الغربية ، الاقليم الذي مازال يشهد حصارا حدوديا واعلاميا مشددا ، في وجه الصحافة الدولية ومختلف البعثات والمنظمات الانسانية .
ان قيام الامم المتحدة مستقبلا بمراقبة حقوق الانسان في الجزء المحتل من الصحراء الغربية ، وتمكين شعبها من الاستفادة من مواردها الطبيعية ، يعد انجازا غير مسبوق لمنظمة الامم المتحدة ومجلس الامن في هذه المنطقة ، كونه سيساهم الى حد كبير في فضح المغالطات وتوضيح الرؤى وتبيان الحقائق لمعالجة الكثير من الاشكالات المصيرية العالقة ، وبالتالي نتمنى ان يفلح العطار في ما افسد الدهر من شباب منظمة الامم المتحدة ، وان يعيد لهذه العجوز المسكينة عافيتها ووقارها بما يخدم الشعوب وتطلعاتها المشروعة في الحصول على غد افضل تسوده قيم العدالة والمساوات ، ومبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...