شيء من التاريخ : امبراطور الصحراء : جاك الاول


في مطلع القرن العشرين اعلن الثري الفرنسي جاك ليوبودي ( 1868-1919 ) نفسه امبراطورا على منطقتنا مختارا موقع عاصمة الامبراطورية ومينائها التجاري وعلمها وشعارها واصدر طوابع بريدية باسمها، وعلى الرغم من كل هذا قليل منا من سمع عن اسم "جاك الاول امبراطور الصحراء".
اليكم قصة الإمبراطور المغامر:
بعد أن حصل على أموالا طائلة نتيجة لاستثمارات عائلته الواسعة في الصيرفة وتجارة السكر والعقارات قرر المغامر الفرنسي "جاك ليوبودي" ان يخلد اسمه في التاريخ فقرر اقامة امبراطوريته في الصحراء الغربية وبدأ عمليا يوم 25 ماي 1903 في تنفيذ مشروعه الكبير حين حطت سفينته المسماة "فراسكيتا" قرب بلدة الطرفاية الصحراوية قادما إليها من جزر الكناري بعد ان زودها بالمدفعية وحمل على متنها قوة عسكرية صغيرة مكونة من ثمانية رجال يحملون بنادق من نوع "هوتكيس" ، ومن هناك اعلن نفسه "الامبراطور جاك الاول، امبراطور الصحراء".
وقد اختار جاك المنطقة الواقعة بين ممتلكات سلطان المغرب والمستعمرات الفرنسية في موريتانيا باعتبارها اراضي حرة مستقلة.
بعد ايام رجع جاك الى اوروبا لجلب المزيد من الضباط الفرنسيين المتقاعدين لتثبيت امبراطوريته من جهة، ومن جهة اخري السعي الى الحصول على الاعتراف الدولي بها، وفي جزر الكناري التقى "الامبراطور" بممثل جمهورية ليبيريا التي كانت اول دولة افريقية تحظى بالاستقلال وحصل منه على اول اعتراف خارجي بامبراطورية الصحراء.
بعد عودته إلى الصحراء مصحوبا بعشرين رجلا بدأ جاك في تخطيط موقع عاصمته الجديدة التي سماها "تروجا" بمنطقة الطرفاية ومينائها التجاري الذي قرر ان يسميه "بولس" والذي اختار موقعه قرب العيون في منطقة ساحلية سماها "خليج الحرية" (ربما تكون منطقة المرسى الحالية أو فم الواد).
ولكن بسبب نقص الرجال- بعد ان تمكن من اقناع خمسة رجال فقط ان يبقوا في "تروجا" حتى عودته- توجه جاك الى جزر الكناري، وفي غيابه اسرت إحدى القبائل الصحراوية رجاله مطالبة بفدية قدرها 5000 بيزيتا وهو ما رفضه جاك رغم ثرائه، معتقدا أن من واجب هؤلاء الاسرى التضحية من اجل الامبراطورية وبعد ان تم افتداء هؤلاء الرجال رفعوا قضية ضد جاك في فرنسا مما جعله يهرب الى ايطاليا ثم الولايات المتحدة التي مات بها لاحقا بعد أن تبخر حلمه في انشاء امبراطورية الصحراء التي لم تدم سوى مائة يوم وبذلك أسدل الستار على حلم استعماري آخر في بلادنا، ضمن محاولات استعمارية عديدة ظلت تتكرر عبر التاريخ.
من صفحة الدكتور غالي الزبير

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات النّاس

خوسيه موخيكا...ست رصاصات في الجسد ونضال ضد الدكتاتورية

الريف الجزائري بجماله الخلاق مع الشاعر الجزائري محمد العيد ال خليفة الرقيق المبدع الساحرة كلماته ...